Ибн Ханбаль: его жизнь и эпоха – его мнения и юриспруденция
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
٢ - شيوخه
٩٦- يعتبر من شيوخ أحمد كل من تلقى عليه فقها، أو أخذ عنهم سنة، أو روى عنهم حديثا، سواء أكان قد انتقل إليه، أم كانوا معه في بغداد، ولقد أحصى ابن الجوزي في مناقب أحمد شيوخه عدا. فتجاوزت حسبتهم المائة، وإذا كان شيوخه بهذه الكثرة العددية، فلسنا نستطيع أن نقول إن لهم جمعا أثرا بليغا في نفسه، وربما كان منهم من اقتصر على أن يروي عنه الحديث، بل ربما كان منهم من كان لقاؤه بهمرات معدودة لا توجهه توجيها علميا، وإن كانت تعطيه رواية سنة لم يكن قد عرفها من قبل، وربما أعطته سندا آخر لسنة معلومة لديه من قبل بسند صحيح.
ولكنا ونحن ندرس الشيوخ الذين أثروا فيه لا يهمنا كثيرا تعرف كل من تلقى عنهم، بل يهمنا فقط تعرف من وجهوه من بين من تلقى عليهم، ويكون توجيههم متفقا مع نزوعه النفسي، ومع جهوده التي عرفناها من بعد ذلك، ولقد يكفينا في هذا تعرف واحد أو اثنين في بيان حياة الإمام، فإنه ليكفينا في دراسة أبي حنيفة أن نعرف حمادا شيخه، وإبراهيم النخعي الذي نقل حماد علمه، كما أنه يكفينا في تعرف حياة الشافعي، أن نعرف مالكا الذي وجهه التوجيه الفقهي، ومن تلقى عليهم من أهل الحديث في مكة مثل سفيان بن عيينة، وهكذا.
٩٧- وكذلك نحن في دراسة أحمد يكفينا أن نعرف من الذي نمى فيه ذلك النزوع إلى السنة، ثم من الذي وجهه مع السنة إلى الفقه، وإنه ليبرز لنا في ذلك شخصيتان لهما بالغ الأثر في توجيهه إلى السنة، وفي توجيهه إلى الفقه، وإن للأولى الأثر البليغ. حتى لونت الثانية بلونها، واختلط على الناس أن له فقها، أو إن علمه كله سنة لا فقه فيه.
أما الشخصية الأولى فهي التي استقبلته ووجهته أو نمت نزوعه، وجعلت منه طالب سنة دؤوبا في طلبها، يجوب لأجلها الأقطار، ويقطع الفيافي والقفار، وهي شخصية هشيم ابن بشير بن أبي خازم، فقد علمنا أنه عندما نزع إلى الحديث واستخار الله، واختاره في السادسة عشرة من عمره اتجه إلى هشيم هذا، ولزمه نحو أربع سنوات، وقيل خمسا تكون فيها، وكمل اتجاهه اتجاها كاملا إلى السنة، وروى عن هشيم. وعن سائر محدثي
94