52

Ибн Ханбаль: его жизнь и эпоха – его мнения и юриспруденция

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

في بريته أن يجهدوا لله أنفسهم ، وينصحوا له فيما استحفظهم وقلدهم ويدلوا عليه تبارك وتعالى بفضل العلم الذي أودعهم، والمعرفة التي جعلها فيهم، ويهدوا إليه من زاغ عنه، ويردوا من أدبر عن أمره، وينهجوا لرعاياهم سمت نجاتهم، ويقفوهم على حدود إيمانهم، وسبيل فوزهم وعصمتهم، ويكشفوا لهم عن مغطيات أمورهم، ومشتبهاتها عليهم، بما يدفعون الريب عنهم، ويعود بالضياء والبينة على كافتهم، وأن يؤثروا ذلك من إرشادهم وتبصيرهم، إذ كان جامعاً لفنون مصالحهم، ومنتظماً لحظوظ عاجلهم وآجلتهم، ويتذكروا أن الله مرصد من مساءلتهم عما حملوه وبما أسلفوا وقدموا عنده، وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله وحده، وحسبه الله، وكفى به.

ومما بينه أمير المؤمنين برويته، وطالعه بفكره، فتبين عظيم خطره، وجليل ما يرجع في الدين وكفه وضرره ما ينال المسلمون بينهم من القول في القرآن الذي جعله الله إماماً لهم، وأثراً من رسول الله وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم باقيالهم، واشتباهه على كثير منهم، حتى حسن عندهم وتزين في عقولهم ألا يكون مخلوقاً، فتعرضوا بذلك لدفع خلق الله، والذي بان به من خلقه، وتفرد بجلالته من ابتداع الأشياء كلها بحكمته، وإنشائها بقدرته، والتقدم عليها بأولويته التي لا يبلغ أولاها، ولا يدرك مداها، وكان كل شيء خلقاً من خلقه، وحدثاً هو المحدث له، وإن كان القرآن ناطقاً به، ودالاً عليه، وقاطعاً للاختلاف فيه، وضاهوا به قول النصارى في إدعائهم في عيسى بن مريم أنه ليس بمخلوق، إذ كان كلمة الله، والله عز وجل يقول: ((إنا جعلناه قرآناً عربياً)) وتأويل ذلك: ((إنا خلقناه))، كما قال تعالى: ((وجعل منها زوجها، ليسكن إليها)) وقال: ((وجعلنا الليل لباساً، وجعلنا النهار معاشاً)) وقال ((وجعلنا من الماء كل شيء حي)) فسوى عز وجل بين القرآن وبين هذه الخلائق التي ذكرها في شية الصنعة، وأخبر أنه جاعله وحده، فقال: ((بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ)) فدل ذلك على إحاطة اللوح بالقرآن، ولا يحاط إلا بمخلوق، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((لا تحرك به لسانك لتعجل به)) وقال: ((ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث)) وقال: ((فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً

51