178

Ибн Ханбаль: его жизнь и эпоха – его мнения и юриспруденция

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ويظهر أن ولايته القضاء التي اضطرته الحاجة إليها، والتي خالف بقبولها منهاج أبيه كانت خيرًا، فقد استطاع فيها أن يطبق فقه أبيه عملًا بالقضاء، وقد كان من قبل نظرًا لم تصقله التجربة، وإذا كان مذهب أحمد هو السنة أو اشتق منها، فقد كان القضاء به قضاء بعلم السنة غضًا كاملًا، وقد كان وفاة صالح سنة ٢٦٦

٦١ - (٢) عبد الله بن أحمد بن حنبل: ولد في جمادى الأولى سنة ٢١٣، وكان لأحمد عناية بتربيته كأخيه صالح، وكان يرى فيه عناية خاصة بعلوم الحديث، فماله فيها، وشجعه على الاستمرار فيها، ولذلك كان يقول كما نقلنا من قبل: "ابني عبد الله محظوظ من علم الحديث لا يكاد يذاكرني إلا بما لا أحفظ))

وقد روى عن أبيه، وعن كثيرين غيره، ولذلك كان يذاكره فيما حفظه عن غيره. وإذا كان أخوه صالح قد عني بنقل فقه أبيه ومسائله، ورويت عنه مسائل جياد، كما قال أبو بكر الخلال، فقد كانت عناية عبد الله متجهة إلى رواية حديث أبيه، روى المسند وتممه، فزاد فيه ما رأى زيادته. وقد توفي عبد الله سنة ٢٩٠، وقد وضحنا مقامه في الحديث عند الكلام في المسند، فارجع إليه.

٦٢ - (٣) أحمد بن محمد بن هاني أبو بكر الأثرم : وهو من أصحاب أحمد الذين التقوا به بعد النضج، ولقد كان من قبله يشتغل بالفقه والتخريج والاختلاف، فلما التقى به اقتصر على علوم الأثر، وقد قال في ذلك: "كنت أحفظ الفقه والاختلاف فلما صحبت أحمد بن حنبل تركت كل ذلك"(١).

وقد لزم أحمد من بعد ذلك، حتى لقد كان فيه صلاحه وزهده وورعه، ولقد كان يحث أصحاب أحمد على الورع، ويقول: "أحمد بن حنبل رضي الله عنه ستر من الله على أصحابه، فينبغي لأصحاب أحمد أن يتقوا الله، ولا يعصوه مخافة أن يعيروا بأحمد"(٢) ولقد كان يرى أن الصمت أولى بالمؤمن إلا أن يكون الكلام في نصيحة أو في إرشاد العلماء للعامة والخاصة، وقد جاء في إحدى رسائله: "إن في كثير من الكلام فتنة وبحسب الرجل ما بلغ به من الكلام حاجته، ولقد حكي لنا أن فضلًا كان يتلاكن في كلامه، وإن في السكوت لسعة، وربما كان من الأمور ما يضيق عنه السكوت،

(١) المنهج الأحمد ص ١٧٤ من النسخة المخطوطة

(٢) طبقات ابن أبي يعلى ص ٣٩

177