117

Ибн Ханбаль: его жизнь и эпоха – его мнения и юриспруденция

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

الفرق الإسلامية

١٢٢- لقد جاء على لسان أحمد رضي الله عنه أسماء بعض الفرق الإسلامية، وناضلها، فحق علينا أن نذكر كلمة معرفة تعريفا موجزا أشد الإيجاز لهذه الفرق المختلفة، حتى يكون القارئ على علم بمعاني الأسماء التي جاءت في هذا؛ فإنه في هذا العصر كان يقوم المنتحلون لهذه الفرق بنشر أفكار بين المسلمين خالفوا فيها مناهج المحدثين والفقهاء، وأزعجوا أولئك بحملهم عليهم بقوة السلطان، كما ذكرنا عند الكلام في مسألة خلق القرآن، ومسألة رؤية الله يوم القيامة التي أراد الواثق أن يحمل الفقهاء والمحدثين على اعتقاد استحالتها، كما هو مذهب المعتزلة.

وكان من حقنا أن نمر عليها مر الكرام، لولا أن أحمد كان على علم بها، وابتلي ببعضها، ولذلك حق علينا أن نشير هذه الإشارة، لنستطيع عند الكلام في آراء أحمد في أصول الاعتقاد أن نذكر رأي أحمد في موضوع الآراء الذي أثيرت حوله آراء هذه الفرق المختلفة.

والفرق التي يعرفها هي الشيعة، والخوارج، والقدرية، والجهمية، والمرجئة.

١٢٣- والشيعة يعدون أقدم الفرق الإسلامية، ظهروا بمذهبهم في آخر عصر عثمان رضي الله عنه، ثم في عصر علي، وكان ينمو عددهم من بعد، كلما اشتد الظلم بالبيت الهاشمي، من بني أمية.

والشيعة في جملتهم يرون أن علي بن أبي طالب أحق المسلمين بخلافة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم فرق مختلفة، بعضهم تجاوز حد الدين في تقديس علي رضي الله عنه، وبعضهم مقتصد لم يتجاوز حد الدين، ولم يكفر أحدا من الصحابة، ولم يؤثمهم، وأظهر هؤلاء المعتدلين الزيدية، وهم أتباع زيد بن علي زين العابدين، وقد كانوا يرون صحة إمامة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وجواز إمامة المفضول، وجواز أن يكون هناك إمامان في عصر واحد، بحيث يكون كل واحد منهما إماما في قطره، وقد كان أولئك الزيدية يعتقدون أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار؛ لأنه في منزلة بين

116