وتمتحن الأخلاق الحية بمحنة المعرفة والجهل كما تمتحن بمحنة الخير والشر، والفضيلة والرذيلة.
فمهما نتخيل من مخلوق قابل لأن يعرف بعد جهل، ويدرك بعد قصور، فليس غير الإنسان مصداق لذلك المخلوق.
ليست الملائكة ولا الجان في صورتها الحية مخلوقات نامية في معرفتها، عالمة ما تعلمه بعد جهله، متقدمة من الطفولة إلى الرشد إلى غاية المدى المقدور لكل مخلوق.
ولكنها في صورتها تعلم ما تعلمه كأنه من خصائص معدنها التي لا تفارقها، فلا اجتهاد لها فيما تعلم، ولا فوات على اجتهادها فيما تجهل، وكل ما أوتيته من علم فلا حيلة لها ولا حول فيه؛ كلمعان النور، ووهجان النار ، ولألاء الجوهر الصافي، وجريان الماء، وخفقان الهواء.
ولا كذلك سليل التراب، إنه ليعلم حتى لتعجب كيف علم، وإنه ليجهل حتى لتعجب كيف جهل، ومن كان قابلا لأن يأتي بالعجب في علمه وجهله فهو مسئول عن هذا وذاك.
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون .
وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين .
قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون .
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين
Неизвестная страница