فقال: تكلمت الديار وقالت، والديار لا تتكلم ولا تقول، ولكن لما كانت على الحالة التي لو كانت ممن يتكلم ويقول لقالت هذه المقالة، وخبرت بهذه الحالة، جاز أن نعبر عنها بذلك مجازًا.
ومثله عن بعض الحكماء أنه قال: وقفت على المعاهد والجنان، فقلت: أيتها الجنان، أين من شق أنهارك وغرس أشجارك، وجنى ثمارك. فإن لم تُجبك حوارًا أجابتك اعتبارًا.
ومثله قول الشاعر:
سألت الدار تخبرني ... عن الأحباب ما فعلوا
فقالت: بي أناخ القو ... م أيامًا وقد رحلوا
فقلت: من أين أطلبهم ... وأي منازل نزلوا
فقالت: بالقبور هم ... لقوا، والله، ما عملوا
ومثله قول الآخر:
امتلأ الحوض وقال: قطني ... سلا رويدًا، قد ملأت بطني
والحوض لا يقول حقيقة، وإنما هذا على أنه لما كان في حالة من يكتفي بما فيه أن لو كان متكلمًا لقال ذلك، أطلق عليه هذا القول مجازًا. وكذلك الديار لا تقول شيئًا، وإنما هو على هذا المعنى.
ومثله قول المجنون: