Латинские буквы для написания арабского
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Жанры
ولقد اهتم المجمع اللغوي من زيادة عن خمس سنوات بأمر هذا الرسم القاصر المضلل، كما اهتمت به الحكومة، واشتغلت ببحث مشكلته لجنة عمادها حضرة الأستاذ الكبير والمربي القدير علي الجارم بك، وقد انتهى حضرته أول مرة بأن قدم للجنة الأصول بالمجمع (بجلسة 24 أبريل سنة 1941) مشروعه الخاص بتيسير الكتابة، مصحوبا بتقرير قال فيه عن مساوئ الرسم الحالي ما يأتي حرفيا بغباره:
وبقي علينا أن ننقذ قراء العربية من اللحن الشائن والخطأ المعيب، وأن نجعل لغتنا الشريفة في صف مع جميع اللغات الحية التي لا تحتاج في قراءتها صحيحة إلا أن تترجم الأصوات عن رسوم الحروف.
وفي الحق، إن القراءة أصبحت عندنا عملا علميا دقيقا كثير التعقيد والتركيب، وصارت فنا من الفنون أو عبئا من الأعباء، وإن شئت أن تقول إنها أصبحت لغزا من الألغاز فقل. إنك لا تستطيع القراءة العربية على وجهها إلا إذا كنت لغويا صرفيا نحويا معا، فإن لم تكن كل هؤلاء جميعا عجزت عن أن تكون قارئا أو شبه قارئ.
فإن قالوا إن الشكل يسد هذه الحاجة ويذلل تلك الصعوبة. قلنا إن الشكل لا ينقذ من الخطأ، بل إنه قد يكون مدعاة للخطأ! وكيف تستطيع العين أن تدرك الحروف وما تحتها وما فوقها في آن واحد مع الضبط والدقة، ثم تنقله إلى أعصاب المخ فتنقله هذه إلى أعصاب اللسان سليما صحيحا؟ لقد جربنا في مدارسنا أن التلاميذ يخطئون في قراءة المشكول خطأهم في قراءة غير المشكول. جربنا أن الطالب المثقف لا يستطيع قراءة القرآن الكريم وهو مشكول على أدق ما يكون الشكل وأحكم ما يكون الضبط. ثم إن الشكل كثيرا ما ينقل عن مواضعه عند الطبع، فتنقل حركة المفتوح إلى المضموم، وتنقل الحركة من حرف يجب شكله إلى حرف لا يتطلب لضبطه شكلا. وأخرى أن الشكل عمل شاق جدا في الطباعة يحتاج إلى دقة وإلى زمن وإلى أجر مضاعف؛ لذلك قل من الكتب المشكول، ورأى أصحاب الصحف والمجلات أن الشكل صعوبة مادية لا تذلل.
تلك شهادة خبير تعدل ألف شهادة من غيره. كان من كبار مفتشي اللغة العربية، وكان وكيل دار العلوم ومربي كثير فيها وفي غيرها من أساتذة العربية. هاكه يقول - وصاحب الدار أدرى بما فيها: إن قراءة العربية برسمها الحالي أصبحت لغزا من الألغاز، وإن قارئها إن لم يكن لغويا نحويا صرفيا في آن لعجز أن يكون قارئا أو شبه قارئ. وإن الشكل مجلبة للخطأ لا تستطيع الأعضاء الموكلة بالنطق الاهتداء به. وإن تلاميذ المدارس يخطئون في قراءة المشكول خطأهم في قراءة غير المشكول، وإن الطالب المثقف لا يستطيع قراءة القرآن وهو مشكول على أدق ما يكون. وليس بعد شهادة هذا الخبير قول لقائل، إلا من كانوا يحلون الأمر عاما ويحرمونه عاما، ومثل هؤلاء لا قيمة لهم بين الرجال.
على أن حضرة الجارم بك قد لبث من بعد يكد ويستعين بالاختصاصيين في فني الخط والطباعة؛ رجاء تحسين مشروعه هذا الذي قال إنه ييسر الرسم ويقي من اللحن في القراءة. ولما عدت للعمل بالمجمع بعد غيبة طويلة بسبب المرض، وجدت هذا المشروع قد أعيد عرضه في صيغته النهائية على لجنة الأصول التي أنا من أعضائها، وكان ذلك في منتصف شهر نوفمبر سنة 1943. فلم أوافق أنا ولا غيري عليه، بل نقدته نقدا قاسيا، ثم أخذت أفكر في هذه المصيبة التي حيرت الأولين والآخرين، وفي طريقة لإطلاق العربية من عقالها حرة كريمة كما ولدتها أمها وكما نشأها آباؤها الأولون، أولئك الذين يلوح أن فقدانهم الدربة والمرانة أقعدهم عن اصطناع ثوب لها مقيس على قدها، فحشروها في قماط ومخنقة مما لا يتخذ إلا للرضع من الأطفال، فجنوا عليها جناية كبرى؛ إذ ضغطوا أعضاءها وكبتوها عن النمو وبلوغ ما هي ميسرة له من الكمال.
7
فكرت جديا في الأمر، وقلبته على كل وجوهه، فاتجه فكري إلى النظر في اتخاذ الحروف اللاتينية لرسم العربية، فنظرت واستيقنت أن لا محيص من هذا الاتخاذ، إنقاذا للعربية من مساوئ رسمها التي نعرفها جميعا والتي أشار إليها حضرة الجارم بك بكل صراحة وجلاء في تقريره المذكور آنفا.
وفي الجلسة الثانية أو الثالثة من جلسات مؤتمر المجمع الذي افتتح في 15 يناير سنة 1944 تكلمت في هذه المسألة الأساسية التي لا يدانيها في أهميتها شيء مما يشتغل به المجمع ومؤتمره، فاقترحت لحلها ما انتهى إليه رأيي من وجوب اتخاذ تلك الحروف اللاتينية، حتى تضبط كلمات اللغة وتسهل قراءتها على الكافة - مثقفين وغير مثقفين، شيوخا أو شبانا أو أطفالا، عربا أو عجما - قراءة صحيحة موحدة الأداء في ألسن الجميع. فطلب إلي المؤتمر تقديم اقتراحي هذا بالكتابة، فكتبته وتلوته بجلستي 24 و31 من يناير المذكور، فرأى المؤتمر طبعه وتوزيعه على حضرات الأعضاء كيما يستطيعوا المناقشة فيه. وقد كان.
8
Неизвестная страница