Человеческая свобода и наука: философская проблема
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Жанры
Jacob Boehme (1575-1624) متصوف ألماني، وعندا في عقلانية الفلسفة المدرسية وضع بلغة رمزية أسطورية نظريته في: اللا-أساس
Unground ، تعبيرا عن رؤية أو حدس إشراقي أصيل. وعلى الرغم من مسيحية بوهيمه، فقد تمسك بأن اللا-أساس مستقل عن الرب وأسبق منه، يمكن القول إن اللا-أساس هو إله اللاهوت السلبي، ومع هذا فهو ضرورة لإدراك ماهية الرب. وكما يقول بوهيمه: «هناك شيء في الرب، وينبغي أن يدرك في الله باعتباره هاوية لا قرار لها، وهذا الشيء هو الذي نطلق عليه لفظ اللا-أساس»،
29
إنه إذن ذو طبيعة إلهية دينية أما إذا تساءلنا: ما هي حقيقة اللا-أساس، وكيف يمكن فهمه أو إدراكه؟ فإنه لا توجد أية لغة لاهوتية أو ميتافيزيقية قادرة على وصفه أو شرحه بل إن محاولة الشرح أو التفسير العقلي تعد في حد ذاتها محاولة مستحيلة. اللا-أساس مستعص على كل فهم أو إدراك عقلي أو برهان منطقي، وإذا حاولت أن تجعله معقولا، فإنه يتوقف عن أن يصبح إلهيا، ومن ثم فإنك متى حاولت أن تقترب منه، لكان عليك أن تنحي العقل جانبا، والشيء الوحيد الذي يمكنك أن تنطق به، لا يعدو أن يكون مجرد تأكيد لسره المستعصي على كل فهم، فأنت لا يمكن أن تصفه بصفة كما تصف باقي الأشياء؛ إذ إنه ليس بشيء على الإطلاق لكي تقارن غيره به، ومتى توهمت أنك تعرفه أو تدركه فمعنى ذلك أنك قد حددته، وهو لا يتحدد أنه - كما يقول نيقولا بيرديائيف - الأساس الذي لا عمق له والسر اللاعقلاني.
30
لم يعد الوجود إذن يمثل الأساس المطلق لكل شيء فثمة مبدأ آخر: لا-أساس، يسبق هذا الأساس؛ لأنه يسبق انبثاقة الوجود نفسه، والآن، إذا ما أردنا التعرف على طبيعة الحرية لكان علينا أن نتجه مباشرة إلى ذلك المبدأ: اللا-أساس، وعندئذ فقط يمكن أن نقترب من الحرية ونلم بها، لندرك أن الحرية ليست وجودية الطابع، بل هي عدمية منبثقة عن العدم، والوجود يحددها، بل يخفيها كلية، الرب يمثل الحرية المتجمدة، ولكن الحرية في حقيقتها غير ذلك، إنها تقف على النقيض مع الوجود على طول الخط.
31
ومن عجائب الأمور، أن هذا الخطل الفارغ من لغو القول، سرعان ما أصبح عنصرا خصيبا في الميتافيزيقا الألمانية حتى - بل وخصوصا - الاتجاهات العقلانية العتيدة منها، وإن كانت قد اتجهت إلى محاولة عقلنته، مناقضة بهذا نفسها، واللا-أساس أيضا، وعلى أية حال امتد تأثير اللا-أساس إلى جل فلاسفة الألمان، ولعل تفسير هذا في أن الميتافيزيقا الألمانية، في تقابلها مع الفكر اللاتيني اليوناني، ترى مبدأ لا عقلانيا يكمن في المنبع الأول للوجود باعتبار أن ما يغمر العالم بالنور ليس هو العقل وإنما الإرادة، وتعمق هذا مع بوهيمه، حين أكد أن العقل يمنحنا الطبيعة الخارجية فحسب، أما الحياة نفسها، فإنها بعيدة عن العقل كل البعد، إنها في اللا-أساس الذي هو مرآة الروح، وباللا-أساس، وليس بالعقل، يستطيع الإنسان أن يكتشف نفسه، عن طريق النشاط الحي للإرادة والذي من خلاله تبرز العمليات النفسية في الطبيعة الخارجية، وبهذا كان العقل عند بوهيمه، خادما للإرادة، يطيعها دون أن يسأل شيئا،
32
وأحسب أن هارتمان وشوبنهاور رددا هذا، ربما ترديدا ببغاويا، المهم الآن، أنه من هذا المنطق الديني: اللا-أساس تبدت لأول مرة في الفكر الألماني إمكانية قيام فلسفة تتخذ من الحرية دعامة لها، وتنطلق بصفة مبدئية من أولوية وأسبقية الحرية على كل شيء، حتى على الوجود نفسه، بل وعلى الرب نفسه، لقد تعلم الألمان من بوهيمه كيف «تكون الحرية موضع التقابل والتعارض الصريح مع الطبيعة»،
Неизвестная страница