97

Вот Коран

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

Жанры

(وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) [الإسراء:106].

فالقرآن فرق تفريقا، أو فرق فرقانا ليقرأ على الناس على مكث وتمهل ولذلك لزم أن يكون (ونزلناه تنزيلا) أي دفعة بعد دفعة لأن فعل نزل المضعف يعني تكرار الإنزال دفعة بعد دفعة وجملة وراء جملة أما أنزل المزيد فهو يعني الإنزال دفعة واحدة ومن هذا نفهم أن القرآن يختلف عن الكتب السابقة عليه بأنه نزل على دفعات بينما هي أنزلت دفعة واحدة ولهذا قال الله في سورة آل عمران (الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل * من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان) [آل عمران، الآيات:1و2و3و4]

تأمل قوله: (نزل عليك الكتاب) وقوله: (وأنزل التوراة والإنجيل).

وقال: (ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل) [النساء:136]، فإذا تأملنا الآيات كلها نلاحظ أن القرآن عامله نزل المصنف أما الكتب التي قبله فعاملها أنزل.

ولو راجعنا فعل نزل في القرآن كله لوجدناه يقترن دائما بالقرآن ولا يقترن بسواه بينما فعل أنزل يقترن بالكتب الأخرى إلا في مواضع خاصة فإنه قد يأتي فعل أنزل سابقا للقرآن ولكن لفرض بلاغي وبياني ليس هذا مكان إيضاحه.

وعلى أي حال فإن بحثنا هنا هو حول كلمة أو مفردة القرآن فهي تعني اقتران الآية بالآية والسورة بالسورة لتكون نصا متكاملا ولتأكيد هذا المعنى نقرأ قوله تعالى في سورة القيامة وهو يتحدث عن القرآن: (لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) [القيامة:16و17و18].

تأملوا الآية فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يحاول استجماع ما تنزل ويتابع الآيات ويتعجل حفظها فهو يحرك لسانه مع ما يتلى عليه ليساير لسانه ما يسمع فطمأنه ربه أن عليه الإصغاء والاستسلام لما يتلى من التنزيل وأن ربه هو الذي سيتولى جمعه في قلبه وقرن بعض الآيات ببعض في السورة التي تنزل عليه حتى يجدها قد طبعت في قلبه فلا ينسى الآيات إلا ما شاء الله وعليه فإن واجبه هو الإصغاء باطمئنان والاستماع بلا استعجال حتى يقضى إليه ما يوحى ليجده قد أصبح مكتمل الاقتران واضح البيان.

إنه وعد أكيد من ربه المجيد الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد ولهذا فهو يقول لرسوله: (سنقرئك فلا تنسى) (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما)، وهكذا فإن القرآن يعني قرن الآية بالآية والسورة بالسورة في قلب رسول الله ليقرأها باطمئنان موقنا أنها وحي يوحى من ربه الذي يعلم السر وأخفى.

وبعد: فلعلي قد أطلت ولكني قد أسمع سؤالا يقول: ماذا تريد من هذا وهو واضح؟.

إني أريد من هذا أن أؤكد ما يلي: إن القرآن بالمعنى الذي فهمناه اسم يطلق على الكلمات والألفاظ المقترنة في نص هذا الكتاب الكريم. أعني أن (القرآن) يطلق على ألفاظ الكتاب المعروف لنا المقروء بيننا لا على المعاني.فإذا وردت كلمة (قرآن) في القرآن فإنها تعني الكلام المقروء المبين أما المعنى فهو رحلة ثانية لا يعلقه إلا من فهم الكلام، ولهذا يقول الله: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [يوسف:2].(إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [الزخرف:3].

Неизвестная страница