38

Вот Коран

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

Жанры

وهكذا كان موقف قوم هود ، وهو الاستغراب ، ثم الذعر من ترك عبادة الآلهة المدعاة (قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) الأعراف 70

إن العذاب لديهم أهول ، من ترك آلهتهم ، بل أنهم في موقع آخر يتهمون هود بأنه مصاب من الآلهة (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) هود 54 لكن هود يدعوهم إلى الله ويتحدى ويقول

(قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون ?54? من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون) هود 54/55 لماذا هذا التحدي ، ولماذا هذا الصمود؟ لأنه يوقن أن الله هو الضار والنافع ، وهو الملجأ والمقصد ، والرب المعبود المحمود (إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دآبة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) هود 56 فهو الشفيع ، والمسبب النافع ، وهو الرب القريب العليم ، المدبر الواسع وهكذا كان موقف نوح (إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون) يونس 71 .

ولن نطيل الاستعراض لموقف الموهمين ، ومواقف الفاهمين ،ولن نزيد من أدلة ضلال المستشفعين بالأسباب ، وأدلة كمال المستشفعين بالله مسبب الأسباب ، فذلك واضح لأولى الألباب ، لكنا سنعود إلى الأساس الذي سقنا له هذا المقال ، فنقول أن المنخدعين بالأسباب قد أشركوا بلا ارتياب ، لقد جعلوا لله شركاء باتخاذ الشفعاء وادعوا أن الله لا يعلم من الأعمال والأقوال شيئا ، فتوسلوا إليه بهؤلاء لينبئوه بما يجهل وليعلموه بما نعمل ، "تعالى الله وجل" . نعم إن من اتخذ شفيعا إلى الله ، حتى ولو كان هذا الشفيع ملكا أو رسولا أو نجما مضيئا ، أو قمرا منيرا ، أو شمسا ، أو كوكبا كبيرا

فإنما جعل لله شريكا في علمه بالخلق ، وتدبيره للأرض والسماء أو ظنه بعيدا عن الخلق ، غافلا عما يجري في الأرض والسماء وهذا لا يليق بالله الذي يعلم السر والخفاء ، والذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، ولا أكبر ولا أدنى ، كلا بل هو محيط بكل شيء ، بل هو الذي بين الإنسان وقلبه ، وهو الذي يعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد ، فكيف يحتاج إلي شفيع ينبئه بما يجري في الأرض وما يعمله العبيد وكيف يحتاج إلى من يقرب الناس إليه زلفى ، لأنه كما يتوهمون بعيد كلا إنه على كل شيء شهيد ها هو يخاطبنا ، يؤكد لنا قربه وعلمه بكل خفي وظاهر قال تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور?13? ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك 13/14 ويقول قال تعالى: (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء?5? هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم ?6?) آل عمران 5/6 وإذا كان الأمر كذلك ، فهو الذي يدعى بلا واسطه ولا شفيع فهو القريب السميع ، وهو الذي يرجى بلا شيء يقربنا إليه زلفى فهو الذي يعلم ما يخفى ، وهو الذي يعتمد عليه ويتوكل عليه ،وهو الولي والمولى ، ومن اتخذ دونه وليا وتقرب إليه بسواه فقد غوى ، لأنه الرب القريب المجيب ، السميع العليم وله وحده يتوجه العبد ، ذو القلب السليم (لا إله إلا هو العزيز الحكيم ?6?) وهكذا يختم الآية ، ليؤكد لنا أنه هو الإله الحق ، الغني عن الخلق الحكيم فيما يديره ويقضيه ، وكيفلا وهو يقول في سورة طه (الرحمن على العرش استوى ?5? له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ?6? وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ?7?

الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ?8?) طه 5-8.وعلى هذه الحقيقة الناصعة في حق الله ، وعلى هذا المقام الرفيع لله الرفيع الدرجات ، فإن من ظن أنه يحتاج إلى شفيع ، ينقل علم الأرض والناس إليه ، فقد ظن في الله ظن الجاهلية ، وجعل لله شريكا في أمره وما قدر الله حق قدره (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) .

وبعد أيها الأخوة ، فإننا على هذا النور المبين ، وعلى هذا الفهم المستنير نتقدم إلى الآيات التي تتحدث عن الشفاعة ، أو بالأصح نستقرأ الآيات التي وردت فيها كلمة شفاعة ، أو شافعين أو شفعاء ، ليتضح لنا الأمر بجلاء ، ولنكون على بينة من أمرنا ، وأنا هنا لا ادعوكم لتسلموا ولكن لتفكروا ، ولا ادعوكم لتجادلوا في الله ، ولكن لتقدروا الله حق قدره ولا ادعوكم بلا دليل ولكني أقدم الدليل ، ولا أعدكم بالدليل الذي من أقوال الناس ، ولكن من قول الجليل ، فهل بعد هذا من إنصاف قد تسألون كيف أن هناك شفاعة في الحياة الدنيا وشفاعة في الحياة الأخرى ونحن لا نعرف إلا أن الشفاعة في الأخرى فقط ، وأنا أقول لكم هذا هو الغلط فالموضوع يبدأ من هنا من الدنيا ، لأن هناك من عبد غير الله جاعلا له شفيعا إليه ، وهناك من اعتمد على أسباب الحياة وظنها هي سر الحياة ، فاعتقد أن المال والرجال تحمي وتقي وتعز وتبقي ، ونسي أن الله هو الذي له البقاء وكل شي هالك فاني ، وأن الله هو المؤثر الفعال ، وكل شي عاجز ضعيف فقير ، فالاعتماد على غير الله من المتكأ والملتحد الذي لا يملك من نقير والتوكل على غير الله ، إنما هو اتكاء على ما لا يملك من فطير ، وإن السير على طريق المعتمدين على الوسطاء ، والمستشفعين إلى الله بالشفعاء والمتخذين أولياء ليقربوهم إلا الله زلفى ،

فإن السير على هذا الطريق هو المسير المدمر الخطير ، ولهذا فإن أول الآيات التي سنستقرأها الآن تطرح في وجوه هؤلاء الغافلين ، وتصفهم بالمشركين ، وتنزه الله عما يصفون.

فلنقرأ (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) يونس 18 يا للهول المهيل ، ويا للجهل والغفول ، هل الله بعيد ، هل هو لا يعلم حال العبيد ، بل هو العليم ، وبكل شيء محيط ، وبهذا يرد عليهم منبئا ومستنكرا (قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) يونس 18 إنه سؤال مهم ، فهل الله لا يعلم بما يجري ، وهل الله يجهل ما يحدث كلا إنه منزه عن هذا الوهم ، فيقول عن هذا الظن المظلم (سبحانه وتعالى عما يشركون) يونس 18 إن وهم التوسط بين الله وعبيده ، جهل وغفول مظلم ، وإن اتخاذ الوسطاء له ، شرك وظلال عظيم ،

فهل الشفعاء يعلمون من حال العباد ما لا يعلمه الله الخلاق العظيم ،"سبحانه وتعالى"، عن هذا الجهل والشرك العظيم ، إنه يعلم كل ما في السماوات والأرض وبكل شيء محيط ، ومن ادعى أن الشفعاء يعلمون ما لا يعلم وينبئونه بما لا يعلم ، فقد جعلوا لله شركاء في علمه وتدبيره ، وحكمه وتقديره وجعلوا له أندادا في رحمته وحكمته ، وفي أرضه وسماواته "تعالى عن ذلك علوا كبيرا"

Неизвестная страница