dêmos ، من «الناس» العاديين (جنود الصف) بسبب وقاحته وقبحه. ومع ذلك فإن تسلسل نسبه يبدو كتسلسل نسب أي أحد آخر. كذلك لسنا متيقنين تماما من المقصود بلفظة «عاديين/جنود الصف» في القتال الهوميري. يتبرم ثرسيتيس بشأن الحرب وسلوك أجاممنون تجاه آخيل إلى أن يلطمه أوديسيوس بصولجان أجاممنون الملكي، مخلفا كدمة كبيرة، ويضحك الجميع كثيرا.
يغتنم أوديسيوس الفرصة ليوضح المسلمات السياسية التي يعيشون في ظلها: لا يمكن للجميع أن يصيروا ملوكا! يذكر أوديسيوس الجيش وجمهور هوميروس بمبتغاهم من هذه الحرب وبحتمية النصر في نهاية المطاف. من المقرر للقتال أن يبدأ. (4) «قائمة السفن» (2، 441-887)
لتمجيد عظمة المعركة، وتوافقا مع مبتغاه المتمثل في التراجع إلى الوراء وسرد «قصة حرب طروادة» كنوع من الحشو السردي، ولأن المادة السردية جذابة في ذاتها، يدرج هوميروس أسماء المقاتلين في «قائمة السفن». تبدأ هذه الوحدة المهمة بأشهر مجموعة من التشبيهات في القصائد الهوميرية. في البداية يشبه هوميروس القوات بالطيور والذباب:
وكما تنطلق سحائب الطير المختلفة، من إوز وكراكي وبجع طويل العنق في المروج الآسيوية قرب روافد نهر كاوستريوس [في آسيا الصغرى] وهي تتماوج في طيرانها مزهوة بقوة أجنحتها، ثم تحط في موجات متصادمة فتردد المروج أصداءها، كذلك كانت القبائل العديدة تتدفق من السفن والمقرات إلى سهل سكاماندروس، والأرض ترتج مرعدة تحت أقدامهم وتحت حوافر خيولهم. أخذوا مواقعهم في سهل سكاماندروس المزهر وكانوا بالآلاف، مثل الأوراق والزهور التي تتفتح في موسمها. ومثل الأعداد التي لا تحصى من أسراب الذباب التي تنتقل بين مرابط الحظائر في فصل الربيع حين يتطاير الحليب من أوعيته بأعداد غفيرة كهذه، هكذا وقف الآخيون ذوو الشعور المسترسلة في السهل في مواجهة الطرواديين، والقلوب تتحرق لتمزيقهم إربا. (الإلياذة، 2، 459-473) [ترجمة المجمع الثقافي السوري، ص77 (بتصرف)]
ومع استمراره في تكديس المزيد من التشبيهات التي تؤكد على عظمة الحملة، يتضرع إلى الميوزات (ربات الإلهام)، اللواتي لا بد وأن يكن معادلات «للربة» المذكورة في البيت الأول للقصيدة، أن يساعدنه على تذكر قادة الفرق المتنوعة وأعداد السفن بترتيبها.
تشتهر قائمة السفن بكونها قراءة مملة وأحيانا ما تحذف من الترجمات، بيد أنها وثيقة ذات أهمية عظيمة؛ إذ تعد أول عمل جغرافي للعالم الغربي. إن المعلومات التي تحتويها لا تتفق دوما مع المعلومات في بقية القصيدة، كما لو كان للقائمة مسار مستقل بذاته. ها هو بند نمطي، وهو البند الخاص بالعوبيين، الذين عاشوا في الجزيرة الطويلة المحاذية للساحل الشرقي لبر اليونان الرئيسي، وهو الموضع الذي استخدمت فيه الأبجدية اليونانية لأول مرة والذي قد تكون نصوص هوميروس قد خرجت منه إلى حيز الوجود:
والأبانتيون الذين ينفثون الغضب، الذين كانوا يسيطرون على عوبية وخالكيس وإريتريا وهيستيايا، الغنية بالكروم، وكيرينثوس المطلة على البحر وقلعة ديوس الشديدة الانحدار، والذين كانوا يسيطرون على كاريستوس ويقطنون في ستيرا؛ وكان يقود هؤلاء جميعا إليفينور، تابع آريس، الذي كان ابنا لخالكودون وزعيما للأبانتيين ذوي الهمة العالية. وتبعه الأبانتيون السريعو الخطى ذوو الشعور الطويلة المنسدلة على ظهورهم، الرماحون التواقون، برماحهم الطويلة المصنوعة من خشب الدردار، لتمزيق الصدارات المشدودة على صدور الأعداء. وتبعه أربعون سفينة سوداء . (الإلياذة، 2، 536-545)
ليس واضحا السبب في تسمية العوبيين بالأبانتيين. كانت خالكيس وإريتريا أقدم دويلتين متنافستين في اليونان التاريخية في اجتذاب حلفاء من الخارج، حسب كتابات المؤرخ ثوسيديديس (الكتاب 1، الفصل 15)، وكانت «الدولة المدينة» كاريستوس تقع على أقصى الساحل الجنوبي، ولكن لا أحد يعرف أين تقع الدول المدن هيستيايا، أو كيرينثوس، أو ديوس. إن المزج بين أماكن معروفة وغير معروفة هو أمر نمطي في قائمة السفن، مثلما هو ظهور أبطال شهيرين جنبا إلى جنب مع أشخاص مجهولين بالكلية من أمثال إليفينور وخالكودون.
لا بد أن قائمة السفن كانت أنشودة تقليدية في مقاطعة بيوتيا، وهي منطقة البر الرئيسي التي عاش فيها هيسيود الذي يكاد يكون معاصرا لهوميروس قبالة جزيرة عوبية. لذلك السبب، يبدأ هوميروس وصفه بالبيوتيين بدلا من أن يبدأ بالأرجوسيين، الذين قادوا الحملة، وهو الأمر المحير للمعلقين، ثم يدور عكس اتجاه عقارب الساعة جنوب غرب بيوتيا إلى الفرقة العسكرية القادمة من منطقة فوكيس، ثم شرقا إلى منطقة لوكريس، ثم أبعد شرقا إلى جزيرة عوبية، ثم جنوبا عبر جزيرة سالاميس إلى مدينتي أرجوس وميسينيا. ونحن بالتأكيد مندهشون لمعرفة أن ديوميديس يسيطر على أرجوس، في حين إن ميسينيا التي تبعد أميالا فقط هي موطن أجاممنون العظيم؛ ولكن لعلها محاولة لتوضيح أنه في زمن هوميروس كان سلطان الدوريين منبسطا على إسبرطة (مما يعني أن ديوميديس من شمال غرب اليونان، من حيث جاء الدوريون). وتهبط القائمة أكثر جنوبا إلى إسبرطة، ثم تدور مع اتجاه عقارب الساعة إلى مدينة بيلوس الساحلية، ومنطقة أركاديا الداخلية، ومنطقة إيليا الساحلية، والجزر الأيونية (ومنها إيثاكا)، عبورا إلى منطقة أيتوليا. من أيتوليا تهبط القائمة إلى الجنوب إلى جزيرة كريت، ثم تدور مرة ثانية عكس اتجاه عقارب الساعة لتضم جزيرتي رودس وكوس وجزرا أخرى بالقرب من ساحل آسيا الصغرى، ثم تعود مباشرة إلى البر الرئيسي لتضم الممالك الثيسالية شمال بيوتيا، ومنها فثيا موطن آخيل وإقليم هيلاس (الذي أطلق اسمه لاحقا على اليونان كلها)، ثم شمالا إلى إيولكوس، ثم أبعد إلى الغرب عبر سلسلة جبال بيندوس إلى منطقة شمال غرب اليونان النائية، ومنها منطقة دودونا.
ليس لدينا دليل على وجود خرائط في القرن الثامن قبل الميلاد، ولكن تنظيم هوميروس لجغرافية القائمة هو تنظيم مكاني؛ إذ من الممكن رسمه على خريطة حديثة. لا بد أن المسافرين كانت لديهم وسيلة ما لتنظيم المعلومات المتعلقة بالأماكن التي يزورونها، بخاصة البحارة، كما أنه لا بد وأن سلسلة أماكن هوميروس - التي تتحرك في شكل دائري، في البداية عكس اتجاه عقارب الساعة، ثم مع اتجاه عقارب الساعة - تعكس معرفة جغرافية شائعة. يتفق التركيز على بيوتيا والبيوتيين في القائمة مع الاقتراحات القائلة إن جمهور هوميروس الحقيقي ضم هؤلاء الأبانتيين أنفسهم عبر المضيق الذي يفصل بيوتيا عن جزيرة عوبية.
Неизвестная страница