Хулал Сундусийя
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
Жанры
فكما أن دوزي الكبير عندما كتب التاريخ المسمى بتاريخ مسلمي أسبانية ترك جميع ما تقدم عنها من الكتابات، وعدها لغوا، ورجع إلى المنابع العربية نفسها؛ كذلك يجب العمل نفسه في جغرافية هذه البلاد. وهذا العمل يحتاج إلى مراجعة الكتب اللاتينية والأسبانية والعربية نفسها. وذلك أنه وإن كان التعصب الأعمى، بعد سقوط مملكة غرناطة، قد أخنى على كنوز أدبية هي فوق كل تقدير، ومحا كتبا ذهبت وأصبح لا يمكن إحياؤها، فإنه لا بد أن يكون في الشرق وفي شمالي أفريقية كتب عربية متعلقة بالأندلس يمكن الاستفادة - جد الاستفادة منها - بل يجب جمع التآليف الجغرافية والتاريخية التي كتبها العرب، من زمن ابن خورداذبه، إلى اليعقوبي، إلى المسعودي، إلى ياقوت، إلى المقري الذي أخذ عن مائة مصنف، هذا مع مراجعة كتب التراجم التي فيها نسبة العلماء الأندلسيين إلى بلدانهم مما تؤخذ منه معلومات جغرافية كثيرة أيضا، ومما يدل على انتشار العلم في أسبانية العربية بصورة مدهشة. ومما لا شك فيه أنه قبل كل شيء تلزم مراجعة المكتبة العربية الأسبانية
Beblioteca Arabico-Hispana
لقديرة
12
التي هي عشرة مجلدات وفيها تراجم علماء الأندلس، وإن كان مع الأسف فيها تحريف أسماء كثيرة من أسماء البلاد التي ينسب إليها أولئك العلماء. انتهى ملخصا.
وقال لاوي بروفنسال في كتابه «أسبانية الإسلامية في القرن العاشر»: إن جغرافيات العرب لم ترد فيها تفاصيل كافية شافية عن الأندلس، ونحن مضطرون أن نقتنع بالموجود بين أيدينا منها، مثل كتاب الهمذاني الذي كتب في حوالي سنة 910 مسيحية، وكتاب الأصطخري الذي تاريخه 921 مسيحية، أي أوائل عهد عبد الرحمن الناصر، وابن حوقل الذي أكمل جغرافيته سنة 976 والمقدسي الذي كتب كتابه في أحسن التقاسيم. بعد ابن حوقل، فالأصطخري ذكر أن أهم مدن الأندلس في أيامه كانت شنترين، وجبل طارق، وطليطلة، ووادي الحجارة، ورية، وفحص البلوط، وقورية، وماردة. وقال: إن أهم الثغور لذلك العهد كانت ماردة ونقزة ووادي الحجارة وطليطلة. وأما المقدسي فأحصى ثماني عشرة كورة للأندلس (سيأتي كلام المقدسي بحروفه نقلا عن الأصل).
أما محمد بن أحمد الرازي الأندلسي فله تاريخ وجغرافية للأندلس، لا يوجد لهما سوى ترجمة باللغة الأسبانية القشتالية، عن ترجمة برتغالية، عن الأصل العربي الذي كتب في أوائل القرن الرابع عشر، وقد أمر بهذه الترجمة إلى البرتغالية دنيس ملك البرتغال. وكتاب الرازي هذا كان عمدة ياقوت الحموي عن الأندلس. وبحسب كلام الرازي كانت الأندلس إحدى وأربعين كورة: قرطبة، وقبرة، والبيرة، وجيان، وتدمير، وبلنسية، وطرطوشة، وطراكونة، ولاردة، وبرباطانية، ووشقة، وتطيلة، وسرقسطة، وباروشة، ومدينة سالم، وشنتبرية، وراقوبيل، وزوربته، ووادي الحجارة، وطليطلة، وأوبيط، وفحص البلوط، وفريش، وماردة، وبطليوس، وبيجه، وأقشنوبه، وشنترين، وقويمره، وأكشيتانية، ولشبونة، وأشبيلية، وقرمونة، ومورون، وشذونة، والجزيرة، ورية، وأسجه، وناكرونه. وأما الإدريسي الذي كتب جغرافيته في القرن الثاني عشر فالأندلس عنده ستة وعشرون إقليما - وهو تقسيم جغرافي ليس بسياسي ولا إداري - وهذه الأقاليم هي: البحيرة، وشذونة، وجرف، وقنبانية، وأشونه، ورية، والبشرات، وبجانه، والبيرة، وقريرة، وتدمير، وقونسه، وأرجيرة، ومربيطر، والقواطم، والفلجه، والبلالطة، والفخر، وقصر أبي دنيس، والبلاط، وبلاطة، والشارات، وأرنيده، والزيتون، والبرتات، ومرمرية. قال: وقد رأينا أن الشاميين نزلوا في البيرة، وأن أهل الأردن نزلوا مالقة، وأن أهل فلسطين نزلوا في شذونة، وأن أهل حمص نزلوا في أشبيلية، وأن أهل قنسرين سكونوا جيان، وأن أهل مصر كانوا في بيجة ومرسية، فكانت هذه المدن في زمن الخلافة الأموية أمصارا. وأما سائر الكور فتشكلت فيما بعد، مثل كور الجنوب العربي، وهي: مورون، ولبلة، وماردة، وشنترين، وناكرونه، ورية، وبجانه، أي رندة، ومالقة، وأطرية. وسنة 350 عندما تولى الحكم المستنصر كانت الثغور خطا منحنيا مارا بالقسم الشمالي من الأندلس من شرقيه إلى الغرب، يبتدئ من جنوبي برشلونة ويمتد شمالا بغرب، وذلك من عند بربشتر ووشقة، ثم يتصل بوادي إبره شمالي تطيلة، ثم يصعد من هذا الوادي إلى هارو، ثم يعود فينحني صوب الجنوب تابعا مجرى الوادي الجوفي أي دويره، إلى المحيط الأطلانتيكي بعد أن يمر بالمدن التالية: أشمه، وسيمنكاس، ورموره، ولاميغو، وبورته. وأما المسعودي فيقول في مروج الذهب الذي تاريخه سنة 327 للهجرة: إن الثغر الشمالي يمتد من طرطوشة إلى أفراغة إلى لاردة.
انتهى وسيأتي كلام المسعودي بحروفه. (5) عدد سكان أسبانية
لاشك أن العصر الذي بلغت فيه أسبانية ذروة نموها هو العصر الروماني، فقد قيل أنه كان فيها أيام الرومان من ثلاثين إلى أربعين مليون نسمة. ولكن لم يوجد وثائق تاريخية تؤيد بلوغ أهالي الجزيرة الأيبيرية هذا العدد. ثم أنها كانت في نمو عظيم أيام العرب، يستدل على ذلك بكثرة مدنها الحافلة لعهد العرب، فقد كان فيها نحو من أربعين مدينة عربية، ومنها قرطبة التي أحزر عدد سكانها بنحو من مليوني نسمة، كما سيأتي الكلام في هذا المبحث. إلا أنه مع الأسف لا يوجد عندنا وثائق يعرف منها بالضبط عدد المسلمين الذين كانوا في أسبانية لعهد الناصر مثلا ولا عدد مجموع السكان من مسلمين ومسيحيين في ذلك العصر.
ومن باب الحزر والتخمين أقول إنه يمكن أن يكون عدد مسلمي الأندلس لعهد الناصر والمستنصر أقل من خمسة عشر مليونا. ولما أجلى الأسبانيول المسلمين واليهود هبط عدد سكان أسبانيا، لهذا السبب ولسبب آخر هو كشف أميركة التي هاجروا إليها، هبوطا عظيما. ففي سنة 1594 كان عدد سكان أسبانية نيفا وثمانية ملايين، ومضى على ذلك قرنان ولم يزدد عدد الأهالي أكثر من مليون واحد، ففي سنة 1768 كان في أسبانية تسعة ملايين ومائة وستون ألفا من السكان، ثم ازداد هذا العدد في زمن آل بربون إلى عشرة ملايين، وذلك في أوائل القرن الثامن عشر. وسنة 1832 كانوا أحد عشر مليونا، وسنة 1849 كانوا 14 مليونا، وفي أوائل هذا القرن العشرين صاروا 21 مليونا، والآن هم 22 مليونا و338 ألفا.
Неизвестная страница