Хулал Сундусийя
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
Жанры
على الجبل، كثيرة الأودية والأرحبة، على عشرة أميال من جيان، كلها أشجار وثمار، وزيتون وأعناب، على واد تجمع الفواكه. و«بيغو» وهي جبلية لها أودية تخر منها عيون تدير الأرحية، كثيرة التوت والزيتون والتين. و«مارتش» مسورة على جبل، شربهم من أعين، كثيرة التين والزيتون والكروم. «قانت» مسورة في قنبانية، لا بساتين لها زاكية. و«غرناطة» على واد به منية، طوله ثلاثة عشر ميلا للسلطان، فيه من كل الثمار حسن عجيب، سهيلة كثيرة المزارع. قلت: وما المنية؟ قال البستان.
684 «منتيشة» مسورة على واد كثيرة الزيتون والتين سهيلة. و«بياسة» مسورة في جبل، بناؤهم طين، وشربهم من أعين، كثيرة التين والكرمات. قلت: هل بقي لقرطبة غير هذه الرساتيق والمدن؟ قال: لا. قلت: فأشبيلية وبجانة ... وذكرت عدة من البلدان. قال: هذه نواح لها أقاليم، كما تقول: القيروان وتاهرت وسجلماسة وهم يسمون الرستاق إقليما. فعلمت أنها كور على قياسنا، وأنها إن لم تكن أجل من كور هيطل فليست بأقل منها.
فيحصل القول، وتثبت الدلائل، على أن مثل المغرب كمثل المشرق، كل واحد منهما جانبان: فكما أن المشرق خراسان وهيطل يفصل بينهما جيحون، فكذلك المغرب والأندلس يفصل بينهما بحر الروم.
غير أنا نعجز عن تكوير الأندلس، فتركناها على الجملة، ووصفنا كورة قرطبة لما كثر المخبرون عنها، واتضح عندنا أمرها. وعرضت كتابي على شيخ من مشايخهم فقال: على هذا القياس يجب أن تكون الأندلس ثماني عشرة كورة، فعد بجانة، مالقة، بلنسية، تدمير، سرقوسة،
685
يابسة، وادي الحجارة، تطيلة، وشقة، مدينة سالم، طليطلة، إشبيلية، بطليوس، باجة، قرطبة، شذونة، الجزيرة الخضراء، وسألت آخر فقال: صدق، وزاد لبيرة، خشنبة. ويجوز أن يكون بعض هذه البلدان نواحي، قياسا على يلاق وكش والصفانيان. والله أعلم بالصواب.
ثم ذكر المقدسي جمل شؤون هذا الإقليم فقال: هو إقليم جليل كبير طويل يوجد فيه أكثر ما يوجد في سائر الأقاليم، مع الرخص، كثير النخيل والزيتون، به مواضع الحر، ومعادن البرد، كثير اليهود، جيد الهواء والماء.
فأما الحر فإنك تجده من مصر إلى السوس الأقصى، إلا في مواضع، فإن بها جبلا وبلدانا باردة، والغالب على الأندلس البرد، كثير المجذمين، والخصيان، والثقلاء، والبخلاء، قليل القصاص، رفق، يحبون العلم وأهله، ويكثرون التجارات والتغرب.
وأما المذاهب فعلى ثلاثة أقسام: أما في الأندلس فمذهب مالك وقراءة نافع. وهم يقولون: لا نعرف إلا كتاب الله وموطأ مالك. فإن ظهروا على حنفي أو شافعي نفوه، وإن عثروا على معتزلي أو شيعي ونحوهما ربما قتلوه. وبسائر المغرب إلى مصر لا يعرفون مذهب الشافعي (رحه) إنما هو أبو حنيفة ومالك (رحمهما). وكنت يوما أذاكر بعضهم في مسألة فذكرت قول الشافعي (رحه) فقال: اسكت! من هو الشافعي؟ إنما كانا بحرين: أبو حنيفة لأهل المشرق، ومالك لأهل المغرب، أفنتركهما ونشتغل بالساقية؟ ورأيت أصحاب مالك (رحه) يبغضون الشافعي قالوا: أخذ العلم عن مالك ثم خالفه.
وما رأيت فريقين أحسن اتفاقا وأقل تعصبا منهم، وسمعتهم يحكون عن قدمائهم في ذلك حكايات عجيبة، حتى قالوا إنه كان الحاكم سنة حنفي، وسنة مالكي. قلت: وكيف وقع مذهب أبي حنيفة (رحه) إليكم ولم يكن على سابلتكم؟ وقالوا: لما قدم وهب بن وهب من عند مالك (رحه) وقد حاز من العلوم والفقه ما حاز استنكف أسد بن عبد الله أن يدرس عليه، لجلالته وكبر نفسه، فرحل إلى المدينة ليدرس على مالك، فوجده عليلا، فلما طال مقامه عنده قال له: ارجع إلى ابن وهب فقد أودعته علمي وكفيتكم به الرحلة، فصعب ذلك على أسد، وسأل: هل يعرف لمالك نظير؟ فقالوا: فتى بالكوفة يقال له محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة. قالوا: فرحل إليه وأقبل عليه محمد إقبالا لم يقبله أحد، ورأى فهما وحرصا، فزقه الفقه زقا، فلما علم أنه قد استقل وبلغ مراده فيه، سيبه إلى المغرب، فلما دخل اختلف إليه الفتيان، ورأوا فروعا حيرتهم، ودقائق أعجبتهم، ومسائل ما طنت على أذن بن وهب وتخرج به الخلق، وفشا مذهب أبي حنيفة (رحه) بالمغرب قلت: فلم لم يفش بالأندلس؟ قالوا: لم يكن بالأندلس أقل منه ههنا، ولكن تناظر الفريقان يوما بين يدي السلطان فقال لهم: من أين كان أبو حنيفة؟ قالوا: من الكوفة. فقال: مالك؟ قالوا: من المدينة. قال: عالم دار الهجرة يكفينا؟ فأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة. وقال: لا أحب أن يكون في عملي مذهبان. وسمعت هذه الحكايات من عدة من مشايخ الأندلس.
Неизвестная страница