كمواقع الْقطر " وَقَالَ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء: " فَإِذا أَرْبَعَة أَنهَار نهران باطنان ونهران ظاهران، فَقلت، مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: أما الباطنان فَفِي الْجنَّة، وَأما الظاهران فالنيل والفرات " وَقَالَ فِي حَدِيث صَلَاة الْكُسُوف: " صورت لي الْجنَّة وَالنَّار " وَفِي لفظ " بيني وَبَين جِدَار الْقبْلَة " وَفِيه أَنه بسط
يَده ليتناول عنقودًا من الْجنَّة، وَأَنه تكعكع من النَّار، وَنفخ فِي حرهَا وَرَأى فِيهَا سَارِق الحجيج، وَالْمَرْأَة الَّتِي ربطة الْهِرَّة حَتَّى مَاتَت، وَرَأى فِي الْجنَّة امْرَأَة مومسة سقت الْكَلْب، وَمَعْلُوم أَن تِلْكَ الْمسَافَة لَا تتسع للجنة وَالنَّار بأجسادهما الْمَعْلُومَة عِنْد الْعَامَّة. وَقَالَ: " حفت الْجنَّة بالمكاره وحفت النَّار بالشهوات " ثمَّ أَمر جِبْرِيل أَن ينظر إِلَيْهِمَا وَقَالَ: " ينزل ينزل الْبلَاء فيعالجه الدُّعَاء ". وَقَالَ: " خلق الله الْعقل فَقَالَ لَهُ: أقبل فَأقبل وَقَالَ لَهُ أدبر فَأَدْبَرَ ". وَقَالَ: " هَذَانِ كِتَابَانِ من رب الْعَالمين " الحَدِيث، وَقَالَ: " يُؤْتى بِالْمَوْتِ كَأَنَّهُ كَبْش، فَيذْبَح بَين الْجنَّة وَالنَّار "، وَقَالَ تَعَالَى:
﴿فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فتمثل لَهَا بشرا سويا﴾ .
واستفاض فِي الحَدِيث أَن جِبْرِيل كَانَ يظْهر للنَّبِي ﷺ ويتراءى لَهُ فيكلمه، وَلَا يرَاهُ سَائِر النَّاس، وَأَن الْقَبْر يفسح سبعين ذِرَاعا فِي سبعين أَو يضم حَتَّى تخْتَلف أضلاع المقبور وَأَن الْمَلَائِكَة تنزل على المقبور، فتسأله وَأَن عمله يتَمَثَّل لَهُ، وَأَن الْمَلَائِكَة تنزل إِلَى المحتضر بِأَيْدِيهِم الْحَرِير أَو الْمسْح وَأَن الْمَلَائِكَة تضرب المقبور بِمِطْرَقَةٍ من حَدِيد، فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب، وَقَالَ النَّبِي ﷺ: " ليسلط على الْكَافِر فِي قَبره تِسْعَة وَتسْعُونَ تنينا تنهسه، وتلدغه حَتَّى تقوم السَّاعَة، وَقَالَ: " وَإِذا أَدخل الْمَيِّت الْقَبْر مثلت لَهُ الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا، فيجلس يمسح عَيْنَيْهِ، وَيَقُول: " دَعونِي أُصَلِّي " واستفاض فِي الحَدِيث: أَن الله تَعَالَى يتجلى بصور كَثِيرَة لأهل الْموقف، وَأَن النَّبِي ﷺ يدْخل على ربه وَهُوَ على كرسيه وَأَن الله تَعَالَى يكلم ابْن آدم شفاها إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى كَثْرَة.
والناظر فِي هَذِه الْأَحَادِيث بَين إِحْدَى ثَلَاثَة: إِمَّا أَن يقر بظاهرها فيضطر إِلَى إِثْبَات عَالم ذكرنَا شَأْنه وَهَذِه هِيَ الَّتِي تقتضيها قَاعِدَة أهل الحَدِيث نبه على ذَلِك السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى، وَبهَا أَقُول، وإليها أذهب،
1 / 44