مدخلًا فِي ذَلِك التأثر، وَإِن دق، وخفي مَكَانَهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِي قَوْله: ﷺ " تعرض الْفِتَن على الْقُلُوب كالحصير عودا عودا، فَأَي قلب أشر بهَا نكتت فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء، وَأي قلب، أنكرها نكتت فِيهِ نُكْتَة بَيْضَاء حَتَّى تصير على قلبين أَبيض مثل الصَّفَا، فَلَا تضره فتْنَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَالْآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لَا يعرف مَعْرُوفا، وَلَا يُنكر مُنْكرا إِلَّا مَا أشْرب من هَوَاهُ ".
وَأما التشبث بذيلها فلَان النَّفس فِي أول أمرهَا تخلق هيولانية فارغة عَن جَمِيع مَا تنصبغ بِهِ، ثمَّ لَا تزَال تخرج من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل يَوْمًا فيوما، وكل حَالَة مُتَأَخِّرَة لَهَا معد من قبلهَا، والمعدات كلهَا سلسلة مترتبة، لَا يتَقَدَّم متأخرها على مُتَقَدم مستصحب فِي هَيْئَة النَّفس الْمَوْجُودَة الْيَوْم حكم كل معد قبلهَا وَإِن خَفِي عَلَيْهَا بِسَبَب اشتغالها بِمَا هُوَ خَارج مِنْهَا اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يفنى حَامِل الْقُوَّة المنبعثة تِلْكَ الْأَعْمَال مِنْهَا كَمَا ذكرنَا فِي الشَّيْخ وَالْمَرِيض، أَو تهجم عَلَيْهَا هَيْئَة من فَوْقهَا نظامها كالتغير الْمَذْكُور كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:
﴿أَن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾ .
وَقَالَ: ﴿لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك﴾
وَأما الإحصاء عَلَيْهَا، فسره على مَا وجدته بالذوق أَن فِي الحيز الشاهق تظهر صُورَة لكل إِنْسَان بِمَا يُعْطِيهِ النظام الفوقاني وَالَّتِي ظَهرت فِي قصَّة الْمِيثَاق شُعْبَة مِنْهَا، فَإِذا وجد هَذَا الشَّخْص انطبقت الصُّورَة عَلَيْهِ، واتحدت مَعَه، فَإِذا عمل عملا انشرحت هَذِه الصُّورَة بذلك الْعَمَل انشراحا طبيعيا بِلَا اخْتِيَار مِنْهُ، فَرُبمَا تظهر فِي الْمعَاد أَن أَعمالهَا محصاة عَلَيْهَا من فَوْقهَا، وَمِنْه قِرَاءَة الصُّحُف، وَرُبمَا تظهر أَن أَعمالهَا فِيهَا متشبثة بأعضائها، وَمِنْهَا نطق الْأَيْدِي والأرجل.
ثمَّ كل صُورَة عمل مفصحة عَن ثَمَرَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَرُبمَا تتَوَقَّف الْمَلَائِكَة فِي تَصْوِيره، فَيَقُول الله تَعَالَى اكتبوا الْعَمَل كَمَا هُوَ، قَالَ الْغَزالِيّ: كل مَا قدرَة الله تَعَالَى من ابْتِدَاء خلق الْعَالم إِلَى آخِره مسطور ومثبت
1 / 68