190

Довод Бога достигший цели

حجة الله البالغة

Исследователь

السيد سابق

Издатель

دار الجيل

Номер издания

الأولى

Год публикации

سنة الطبع

Место издания

بيروت - لبنان

وقضاياهم، وأحكموا الْأَمر، وأكابر هَذَا الْوَجْه عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس ﵃، لَكِن كَانَ من سيرة عمر ﵁ أَنه كَانَ يشاور الصَّحَابَة، ويناظرهم حَتَّى تنكشف الْغُمَّة، ويأتيه الثَّلج، فَصَارَ غَالب قضاياه وفتاواه متبعة فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا، وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم لما مَاتَ عمر ﵁: ذهب تِسْعَة أعشار الْعلم، وَقَول ابْن مَسْعُود ﵁: كَانَ عمر إِذا سلك طَرِيقا وَجَدْنَاهُ سهلا، وَكَانَ عَليّ ﵁ لَا يشاور غَالِبا، وَكَانَ أغلب قضاياه بِالْكُوفَةِ، فَلم يحملهَا عَنهُ إِلَّا نَاس، وَكَانَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله بِالْكُوفَةِ، فَلم يحمل عَنهُ غَالِبا إِلَّا أهل تِلْكَ النَّاحِيَة، وَكَانَ ابْن عَبَّاس ﵄ اجْتهد بعد عصر الْأَوَّلين، فناقضهم فِي كثير من الْأَحْكَام، وَاتبعهُ فِي ذَلِك أَصْحَابه من أهل مَكَّة، وَلم يَأْخُذ بِمَا تفرد بِهِ جُمْهُور أهل الْإِسْلَام، وَأما غير هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة فَكَانُوا يروون دلَالَة، وَلَكِن مَا كَانُوا يميزون الرُّكْن وَالشّرط من الْآدَاب وَالسّنَن، وَلم يكن لَهُم قَول عِنْد تعَارض الْأَخْبَار وتقابل الدَّلَائِل إِلَّا قَلِيلا كَابْن عمر وَعَائِشَة وَزيد بن ثَابت ﵃، وأكابر هَذَا الْوَجْه من التَّابِعين بِالْمَدِينَةِ الْفُقَهَاء السَّبْعَة لَا سِيمَا ابْن الْمسيب بِالْمَدِينَةِ، وبمكة عَطاء ابْن أبي رَبَاح، وبالكوفة إِبْرَاهِيم وَشُرَيْح وَالشعْبِيّ، وبالبصرة الْحسن. وَفِي ١ كل من الطريقتين خلل إِنَّمَا ينجبر بِالْأُخْرَى، وَلَا غنى لأحداهما عَن صاحبتها. أما الأولى فَمن خللها مَا يدْخل فِي الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى من التبديل، وَلَا يُؤمن من تَغْيِير الْمَعْنى، وَمِنْه مَا كَانَ الْأَمر فِي وَاقعَة خَاصَّة، فَظَنهُ الرَّاوِي حكما كليا، وَمِنْه مَا أخرج فِيهِ الْكَلَام مخرج التَّأْكِيد؛ ليعضوا عَلَيْهِ بالنواجذ، فَظن الرَّاوِي وجوبا أَو حُرْمَة، وَلَيْسَ الْأَمر على ذَلِك - فَمن كَانَ فَقِيها، وَحضر الْوَاقِعَة استنبط من الْقَرَائِن حَقِيقَة الْحَال كَقَوْل زيد ﵁ فِي النَّهْي عَن الْمُزَارعَة وَعَن بيع الثِّمَار قبل أَن يبدوا صَلَاحهَا: إِن ذَلِك كَانَ كالمشورة، وَأما الثَّانِيَة فَيدْخل فِيهَا قياسات الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ واستنباطهم من الْكتاب وَالسّنة، وَلَيْسَ الِاجْتِهَاد مصيبا فِي جَمِيع الْأَحْوَال، وَرُبمَا كَانَ لم يبلغ أحدهم الحَدِيث، أَو بلغه بِوَجْه لَا ينتهض بِمثلِهِ الْحجَّة، فَلم يعْمل بِهِ، ثمَّ ظهر جلية الْحَال على لِسَان صَحَابِيّ آخر بعد ذَلِك كَقَوْل عمر وَابْن مَسْعُود ﵄ فِي التَّيَمُّم عَن الْجَنَابَة، وَكَثِيرًا مَا كَانَ اتِّفَاق رُءُوس الصَّحَابَة ﵃ على شَيْء من قبل دلَالَة الْعقل على ارتفاق وَهُوَ قَوْله ﷺ: " عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي " وَلَيْسَ من أصُول الشَّرْع، فَمن كَانَ متبحرا فِي الْأَخْبَار وألفاظ الحَدِيث يَتَيَسَّر لَهُ التفصى عَن مزال الْأَقْدَام، وَلما كَانَ الْأَمر

1 / 229