ولذلك تقول الفقهاء "يقرأ السنة" بمعنى أنه يقرأ ما شرع النبي ﷺ سننًا من ذلك إما بنطق أو بفعل أو بنصب دليل.
ويسمي أهل الحديث "سننًا" بمعنى أنه يتضمن ما رسمه النبي ﷺ لأمته.
وقد يسمي بعض الفقهاء، ما حصلت له رتبة في النوافل سنّة، فيقولون "صلاة العيدين سنّة" "والوتر سنّة".
واختلفوا في ركعتي الفجر، فقال أشهب: ليستا من السنن، بل هي من الرغائب. وقال ابن عبد الحكم: هي من السنن. وإنما اختلفا في ذلك لاختلافهما في الصفة التي لها تسمى النوافل سنة.
ومذهب أشهب أن السنن من النوافل إنما هي ما أظهر النبي ﷺ وجمع عليه أمته وشرع الجماعة له من الصلوات والنوافل، كصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف. فلما لم يكن حال ركعتي الفجر بهذه الحال، بل كان يصليها في بيته. فَذًّا وكان ذلك حكمها، لم تكن عنده من السنن.
وعند ابن [عبد] الحكم أن معنى السنّة من النوافل ما كان مقدرًا لا يزاد عليه ولا ينقص منه. وهذه حال ركعتي الفجر، ولذلك وصفها بأنها من السنن -واللَّه أعلم- ولم توصف عنده صلاة الليل بأنها من السنن لما كانت غير مقدرة.
العبادة: هي الطاعة والتذلل للَّه تعالى باتباع ما شرع.
قولنا: "هي الطاعة" يحتمل معنيين:
أحدهما: امتثال الأمر. وهو مقتضاه في اللغة. إلا أنه في اللغة واقع على كل امتثال لأمر الآمر في طاعة أو معصية، لكننا قد احترزنا من المعصية بقولنا: "والتذلل للَّه تعالى"، لأن طاعة الباري تعالى لا يصح أن تكون معصية.
والثاني: أن الطاعة إذا أطلقت في الشرع فإنها تقتضي القربة، وطاعة الباري تعالى دون طاعة غيره.
الحسن: ما أُمِرْنا بمدح فاعله (١).
ومعنى ذلك أن حَسَنَ الأفعال وقبيحها لا يعرفون بالعقل، وإنما يعرف بالشرع. فما أَمَرَنا الشرع بمدح فاعله فهو حسن، وما لم نؤمر بمدح فاعله فليس بحسن. وقد
_________
(١) انظر الإنصاف ص ٤٩.
1 / 114