23
جلس حسني حجازي على الديوان الأوسط تحت النجفة في شبه استلقاء وهو يراقب المخرج أحمد رضوان في ذهابه وإيابه، أو وقوفه القلق مستندا بكوعه إلى حافة البار. وقال له: اجلس واشرب واهدأ.
فهتف المخرج بحنق: لن أجد مشاركة وجدانية عند أحد!
فابتسم حسني حجازي، وقال لنفسه: إن الجنون هو الطابع المميز لهذه الأعوام. وتذكر أنه أحب مرة واحدة في حياته، ثم نسي الحب تماما. هل يقضى عليه بأن يحب من جديد، وأن يتوله ويجن وهو يتعثر في الحلقة السادسة؟
وقال أحمد رضوان بغضب: طالما لاحظت أشياء وتغاضيت عنها، ثم ظننتها عابرة!
فقال حسني حجازي برقة: يا عزيزي أحمد، دعني أفكرك بذلك الرفيق الرهيب الذي نسميه الزمن! - إني أقوى من بغل. - اجلس واشرب كأسا. - إني أفكر تفكيرا جديا في قتلها! - اسمعوا ماذا يقول الزوج القديم والأب الوقور!
فقال بتقزز: الزواج والأبوة لا يمنعان من الحب، ولا من القتل! - آه لو جلست وشربت!
فضرب الأرض بقدمه وقال: واتفقنا على الزواج، الزواج مرة واحدة، أتعرف ماذا يعني هذا؟ أن تخسرني أنا والشيخ يزيد في آن، الشيخ يزيد الذي نقلها من بيت قديم بشارع الصقلبي إلى عمارة النيل، وأنا الذي خلقتها!
فقال حسني حجازي ملاطفا: ربما أتيح لنا أن نخلق، ولكن لن يتيسر لنا التحكم في مخلوقاتنا إلى الأبد. - المجنونة بنت المجنونة، ألا تدري بأن نورها سينطفئ، وأنه لن يجد من يتعاقد معه على عمل؟ - قم برحلة في ربوع أوروبا. - على الرحلة وعلى أوروبا اللعنة! - إني حزين عليك أيها الزميل القديم! - أليس عندك دواء خير من ذلك؟ - عندي مأساة مماثلة، فأنا أعرف خطيبة مرزوق الأولى. وهي تتألم مثلك تماما.
فقال بمرارة: ستشفى من دائها في ساعة أو ساعة ونصف.
Неизвестная страница