أجل فهي معروفة بأخلاقياتها، وهي لم تمارس الجنس إلا بدافع من الحب، ولم تضطر - مثلهما - إلى ممارسته في أحيان كثيرة لاقتناء ما يحتاجان إليه من ملابس وأدوات زينة وكتب. ولعلها كانت تحتقر سلوكهما وإن عطفت عليه من أعماق قلبها المحب. وقد تابعت خطوات خطوبتهما، وما اقتضته من شهادات الزور والأكاذيب وغير ذلك، ولم ترتح لشيء منه وإن تعزت بأن جميع تلك السخافات إنما ارتكبت باسم حب حقيقي. وكانت محاولة إثنائها عن موقفها ميئوسا منها لما تعرفان من عنادها وكبريائها ومثالياتها، فسلمتا بالواقع في حزن وكآبة. وقالت لها عليات: أنت يا منى جميلة وممتازة وجديرة حقا بزواج سعيد!
فسألتها منى: ترى هل تطمئنان إلى مستقبلكما القائم على كذبة كبيرة؟
فقالت سنية: إنه يقوم على الحب.
أما عليات فقالت بقلق: إن رجلا مثل حسني حجازي خليق بصون سرنا.
فقالت منى: حسني حجازي لا نتوقع منه الخيانة.
فعادت عليات تقول: أحيانا أتذكر المصادفات المرعبة التي تقلب الأمور في السينما!
فقالت سنية بقوة متحدية: لم يكن في وسعنا أن نفعل خلاف ما فعلنا وعلينا أن نواجه مصيرنا.
وفجرت الزيارة في نفس عليات وسنية دوامات من القلق، ولكن استقر في أعماقهما في النهاية قول سنية: «علينا أن نواجه مصيرنا.»
10
لم تسعد منى بانتصار كبريائها، أو لم تسعد كما قدرت، وفي أوقات انفرادها بنفسها غزتها الكآبة كالغبار. خافت أن ترتكب حماقات بلا نهاية. اعترفت لنفسها المتمردة بأنها ما زالت تحب سالم على رغم حماقته وسخافاته. أدركت أنها تقف حيال مشكلة، وأن المشكلة تتطلب على أي حال حلا. وجاء شقيقها الدكتور علي زهران إلى القاهرة في إجازة، فسرت بحضوره وقصت عليه تجربتها الفاشلة. وأسف الرجل، ولكنه كان مستغرقا بهموم طارئة، فقال لها: إني أفكر في الهجرة!
Неизвестная страница