فقال بسرور: كسبت قلبا جديدا سيشعر بنا على نحو ما .
وتفكرت فيما يعنيه، وفطن هو إلى ما تفكر فيه، فقال: يخيل إلي أن أحدا لا يشعر بنا سوى أهلنا!
فارتبكت، ثم قالت كالمعتذرة: إنها تجربة جديدة علينا، هذا هو الواقع، ولكن ماذا عما يجب أن يكون؟ ومن رأي الأستاذ حسني أنها سياسة مرسومة. - من الأستاذ حسني؟ - موظف كبير في قسمنا بالمصلحة. - وماذا يعني؟ - يعني أنهم لا يريدون تعبئة الشعب للحرب إلا قبيل دخول المعركة. - الحق أني لا أفهم! - ولا أنا، ولا يدعي أحد بأنه يفهم، هل ستقوم الحرب من جديد؟! - في الجبهة نؤمن بذلك. - هنا لا نكاد نصدق! - كيف ترون الأمر؟ - ممكن أن تسمع كافة المتناقضات.
فضحك إبراهيم وقال: إنكم تودون أن تجدوا النصر يوما ضمن أخبار الصحف!
وضحكت. وبالضحك أفلتا من حصار القلق، فعادا إلى موعدهما تحت الجبلاية. وتبادلا نظرة اعتذار طويلة وحنونة.
5
قام حسني حجازي من مجلسه فوق الكنبة الاستوديو. انطلقت قامته الطويلة وسط حجرة الجلوس كالمارد. في شقته يجد راحة شاملة، وإحساسا بالسيطرة على كل شيء. الدواوين والمقاعد تصلح للاضطجاع كما تصلح للجلوس. وأجهزة التسلية قائمة بالأركان وسط تهاويل الديكور. والتحف مصفوفة فوق الأرفف عارضة ألوانا من فنون اليابان وخان الخليلي. من أعماقه يشعر بأنها توثق علاقته بالدنيا، وتدفع عنه غوائل الفناء. مضى إلى البار، فملأ كأسين من الكوكتيل الذي يعده بيده بخبرة وأناة، ثم رجع إلى وسط الحجرة، فوضع كأسا فوق ذراع فوتيل على بعد قيراط من يد سنية. ولبث واقفا ثم حرك كأسه قائلا: في صحتك!
وأفرغ كأسه، ثم قال: لم يعد غريبا على هذه الحجرة أن تشهد وداع الأحبة!
فقالت سنية: أنت رجل كريم، في الحياة والحب!
فقال متظاهرا بالاهتمام: من حسن الحظ أني حصلت أخيرا على فيلم ممتاز لا تقل مدة عرضه عن ربع ساعة!
Неизвестная страница