سألها كنت: «ولم يفعل ذلك؟» «لن يكون أول طبيب يفعل شيئا من هذا القبيل. ربما كان بحاجة للمال للإبقاء على استمرار العمل في عيادة تخدم الفقراء، ما أدرانا؟ وربما يكون قد أراد المال لنفسه؛ فالأطباء ليسوا ملائكة.»
قال كنت: «لا، أقصد كوتر. ما الذي يدفعه لفعل ذلك؟ وهل كان يملك أي أموال؟» «كلا، لم يكن يملك أي أموال، لكن ... لا أعلم. ليس هذا سوى افتراض، على أي حال. أقصد مسألة المال. وكما تعلم، فقد كنت هنا أرعى والدته. كان يهتم بوالدته حقا، ويعلم أنني ما كنت لأتخلى عنها؛ لذا، فقد كان الأمر على ما يرام في نظره.»
استطردت قائلة: «وقد كان على ما يرام بالفعل؛ فقد كنت أحب ديليا، ولم أشعر بأن رعايتي لها عبء على عاتقي. لعلني كنت أكثر ملاءمة لرعايتها عن الزواج من كوتر. والغريب في الأمر أن ديليا رأت ذلك أيضا. أقصد بخصوص كوتر؛ فقد كانت لديها نفس الشكوك، ولم تذكرها لي قط، وأنا أيضا لم أصارحها بشكوكي؛ فكلانا رأى أن ذلك سيكسر قلب الأخرى. لكن ذات مساء قبل رحيلها بفترة بسيطة، كنت أقرأ لها قصة بوليسية تدور أحداثها في هونج كونج، فإذا بها تقول لي: «لعل هذا هو المكان الذي يوجد فيه كوتر؛ هونج كونج.»
قالت لي إنها ترجو ألا تكون قد أزعجتني بهذا الحديث. فصارحتها بأفكاري، وضحكت. كلانا ضحك. لعلك تتوقع من أم عجوز أن يغلبها الأسى والحزن بهروب ابنها الوحيد وهجرانه لها، لكن هذا لم يحدث. لعل هذا ليس حال كبار السن، أو بالأحرى الطاعنين في السن؛ فهم يتوقفون عن الشعور بالأسى والحزن؛ لا ريب أنهم يكتشفون أنه ما من شيء يستحق حزنهم.
علم أنني كنت سأرعاها، وإن لم يكن يعلم على الأرجح إلى متى سيدوم ذلك. كنت أتمنى أن أطلعك على خطاب الطبيب، لكنني تخلصت منه. كان ذلك غباء شديدا مني، لكنني كنت مشتتة الفكر آنذاك. لم أتصور حينها كيف كنت سأواصل حياتي. لم أفكر في متابعة الأمر والبحث عن مؤهلات هذا الطبيب أو طلب شهادة وفاة منه أو أي شيء من هذا القبيل. لم أفكر في كل ذلك إلا لاحقا، وحينذاك لم يعد معي العنوان. لم أستطع مراسلة السفارة الأمريكية؛ لأنها آخر مكان قد يكون لكوتر علاقة به. ولم يكن كذلك مواطنا كنديا. لعله كان لديه اسم آخر أيضا؛ هوية مزيفة يمكنه الاختفاء وراءها، وأوراق مزيفة أيضا. فقد كان يلمح كثيرا لأمور من هذا القبيل، وكان ذلك جزءا من سحره وجاذبيته، في نظري.»
قال كنت: «ربما كان ذلك من قبيل إضفاء الأهمية على نفسه، ألا تعتقدين ذلك؟»
فأجابته سونيه: «بلى، بالطبع.» «ألم يكن هناك أي تأمين؟» «لا تكن سخيفا!» «لو كان هناك تأمين، لكشفت شركة التأمين عن الحقيقة.»
ردت سونيه: «نعم، لكنه لم يكن هناك تأمين؛ ولذا فهذا ما أنوي فعله بنفسي.»
قالت له إن هذا من الأمور التي لم تذكرها لحماتها قط؛ فقد قررت أنها بعد أن صارت وحدها، سوف تذهب للبحث عن كوتر، أو بالأحرى اكتشاف الحقيقة.
وسألته: «أعتقد أنك ترى هذا نوعا من التوهم؟»
Неизвестная страница