ترك الرجل الجعة وفتح الباب ثم صاح مناديا هارولد. كان من الصعب تخمين أي غرفة دخلوها الآن؛ إذ كانت مليئة بخزانات مطبخ ذات أبواب غير مثبتة في مفصلاتها، وبعض المعلبات على الأرفف، وسريرين بلا مفارش، عليهما بطاطين مكرمشة. وكانت النوافذ مغطاة تماما بأثاث أو ألحفة معلقة لا يمكنك تحديد أين كانت في الأساس. كذلك فاحت من تلك الغرفة رائحة محل خردة أو حوض مسدود أو ربما مرحاض مسدود، ورائحة طبخ ودهون وسجائر وعرق وفضلات كلاب وقمامة متراكمة.
لم يجب أحد نداءه، فاستدارت إيف - كان هناك متسع في هذا المكان كي تستدير على عكس ما كان في المدخل - وقالت: «لا أعتقد أنه يصح أن ...» لكن تريكسي وقفت في طريقها، وأسرع الرجل من خلفها كي يطرق بابا آخر.
وقال - دون أن يخفض صوته - صائحا مع أن الباب قد فتح: «ها هو، ها هو هارولد.» في نفس اللحظة، اندفعت تريكسي للأمام وعلا صوت رجل آخر يقول: «اللعنة، أخرج الكلبة من هنا.»
قال الرجل الصغير البنية: «تريد هذه السيدة رؤية بعض الصور.» أنت تريكسي متألمة بعد أن ركلها شخص ما. وهكذا لم تملك إيف أي خيار سوى أن تدلف إلى الغرفة.
كانت غرفة طعام تحتوي على مائدة طعام قديمة وضخمة ذات مقاعد فخمة، جلس حولها ثلاثة رجال يلعبون الورق؛ ورابعهم كان معهم لكنه نهض ليركل الكلبة. وكانت درجة حرارة الغرفة تدنو من التسعين درجة فهرنهايت.
قال أحد الرجال الجالسين حول المائدة: «أغلقوا الباب، أشعر بتيار هواء في الغرفة.»
جر الرجل الصغير البنية تريكسي من تحت المائدة، وألقى بها في الغرفة الخارجية، ثم أغلق الباب خلف إيف والأطفال.
قال الرجل الذي كان قد نهض ليركل الكلبة: «يا إلهي؛ عليها اللعنة!» كان صدره وذراعاه منقوشين تماما بالوشوم حتى بدا لها جلده بنفسجيا أو مائلا للزرقة. هز رجله كما لو كانت تؤلمه؛ ربما ركل رجل المائدة عندما ركل تريكسي.
كان من بين أولئك الرجال شاب مول ظهره إلى الباب؛ كان ذا منكبين ضيقين نحيلين وعنق دقيق. افترضت إيف أنه شاب؛ لأن شعره مصبوغ أشقر ذهبيا ومثبت لأعلى، وكان يرتدي قرطا ذهبيا. لم يستدر هذا الشاب ليواجههم، أما الرجل الجالس قبالته، فكان مسنا في عمر إيف نفسها، وكان حليق الرأس، ذا لحية رمادية مشذبة، وعينين زرقاوين محتقنتين. نظر إلى إيف دون ود من أي نوع، لكن نظرته شابها شيء من الذكاء والحصافة، وبذلك حاد عن سلوك الرجل الموشوم الذي نظر إليها كما لو كانت هلوسة قرر أن يتجاهلها.
وعلى رأس الطاولة - في مقعد المضيف أو الأب - جلس الرجل الذي أصدر الأمر بغلق الباب؛ وفيما عدا هذا لم ينظر أمامه ولم يول مقاطعتهم لهم أي اهتمام. كان سمينا، ذا بنية عريضة ووجه شاحب وشعر مجعد بني مبلل بالعرق، وكان - كما ذكرت إيف - عاريا بالكامل. وكان الرجل الموشوم والشاب الأشقر يرتديان الجينز، أما الرجل ذو اللحية الرمادية فكان يرتدي بنطالا من الجينز أيضا وقميصا منقوشا بمربعات - أزراره كلها مغلقة - وربطة عنق يتدلى منها شريطان على صدره. وعلت المائدة زجاجات وكئوس؛ وكان الرجل الجالس على مقعد المضيف - لا بد أنه هارولد - يشرب الويسكي مع الرجل ذي اللحية الرمادية، والآخران يشربان الجعة.
Неизвестная страница