فالعاشق عبد رق، يعز عليه أن يعتق نفسه، أو يتحرر من مظالم مستعبده.
ويحدثنا قاسم أمين عن قوة العشق واستبداده فيقول: «لا شيء يشبه العشق في عنفوان نشأته؛ إذا هجم هذا المستبد القاهر، ارتعدت له الفرائص، وحصر اللسان واختبل العقل، وخلا الطريق أمامه، فوصل إلى القلب بوثبة واحدة أو بوثبات متعددة. ومتى احتله تمدد فيه وانتشر وملأه برمته، فلا يقبل منافسا أو منازعا أو شريكا أو ضيفا بجانبه. بل يستأثر وحده بالنفس فيلهيها عن شواغلها، وينسيها حاجاتها، ويفرق بينها وبين أميالها، ويذهب همومها وأحزانها، ولا يطمئن إلا إذا قطعت العلاقات مع غيره، وأصبحت كلها له كأنها ولدت معه في يوم واحد وتفنى معه في ساعة واحدة، لا تعرف ماضيها ولا تبالي بمستقبلها. فإذا تمكن منها على هذه الحال، وقبض على زمامها رضيت بعجزها، وشكرته على أسرها، واغتبطت برقيها، ووجدت باتصالها بنفس أخرى قوة وفرحا وسعادة لم تر مثلها.»
ولا يدل قول أفلاطون «كل إنسان يصبح شاعرا عندما يعشق» إلا على قوة العشق. وكذلك قول إقراطيس: «الجوع كاف لإذهاب العشق، فإن لم يذهبه في أول أمره، قطع عرفه في العاقبة. فإن لم يذهبه الجوع، فلا حيلة في إذهابه إلا قتل الإنسان نفسه.»
وهناك من ينصح العشاق قائلا: «لا تعشق المجنون على جنونه، لئلا تكون مجنونا مثله.» وفي هذا إشارة إلى قوة العشق وجبروته.
ويذهب البعض إلى وصف العشق بأنه داء؛ فهو كالسوس الذي يفتك فلا يبقي في المرء أودا.
يحدثنا «جوسن بلنجر» فيقول: «العشق كالحصبة لا يصيب الإنسان إلا مرة واحدة. والويل له إذا أصابه في الكبر؛ فإنه لا محالة سيودي به.»
وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «العشق داء عارض يصطاد قلبا خاليا ويورثه ألما جليا يحرك منه الساكن ويسكن فيه الداء المائن.»
في العشق حلاوة ومرارة، كما فيه لذة وعذاب.
قيل لرجل إن ابنه قد عشق، فأجاب: «عذب قلبه وأبكى عينه وأطال سقمه.»
Неизвестная страница