ومن تدبر أسلوب القرآن علم أن الأحكام ينبغي أن تُساق إلى الناس مساق الوعظ الذي يليِّن القلوب، ويبعثها على العمل، ولا تسرد سردًا خالية من وسائل التأثير، ومما يوضح ذلك قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (١).
فالأمر بتقوى اللَّه بعد النهي عن إتيان النساء في المحيض، والأمر بإتيانهن في موضع الحرث، والأمر بالتقديم لأنفسنا تحذيرًا من مخالفة هذا الهدي الإلهي، وقوله: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ﴾ إنذار للذين يُخالفون عن أمره بأنهم يُلاقون جزاء مخالفتهم في الآخرة، ويحاسبون على أعمالهم. وقوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ تبشير للطائعين الذين يقفون عند الحدود، ويتبعون هدى اللَّه – تعالى – والمبشر به عام يشمل منافع الدنيا، ونعيم الآخرة، وحصول كل خير، واندفاع كل شر – رتّب على الإيمان – داخل في هذه الآية.
ومما يزيد ذلك وضوحًا وبيانًا أن اللَّه ﷿ بعد أن ذكر أحكام
_________
(١) سورة البقرة، الآيتان: ٢٢٢ - ٢٢٣.
1 / 6
المقدمة
توطئة
القسم الأول من المسلمين: وهم الذين ينقادون للحق ولا يعاندون
الخاتمة
أهم النتائج التي أعانني الله ويسر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي: