Как я могу служить исламу
كيف أخدم الإسلام
Издатель
دار القاسم
Жанры
المقدمة
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فالحمد لله الذي من علينا بأعظم النعم وأجلها وهي نعمة الإسلام؛ فكم من أمم تتخبط في ظلام الشرك والكفر، وكم من حسيب ووجيه وغني ورئيس لم تدركه رحمة الله؛ ها هو فرعون يحكم ويدير مملكة مترامية الأطراف لم تغن عنه شيئًا، وها هو قارون أغنى الأغنياء في زمانه ولم تمنعه أمواله عن النار، وها هو فلذة الكبد لم تغنه محبة أبيه شيئا كما في حال ابن نوح ﵇، وها هو سيد ووجيه قريش وعم النبي ﷺ أبو طالب في النار، لم تنفعه القرابة، ولم تنفعه عراقة النسب؛ وأبو لهب وأبو جهل .. والقائمة طويلة، فاللهم لك الحمد على ما تفضلت به علينا، ونسألك الثبات حتى نلقاك ...
وإن من شكر هذه النعم القيام ببعض حقوق هذا الدين العظيم، والسعي في رفع رايته وإيصاله إلى الناس، مع استشعار التقصير والعجز عن الوفاء بذلك فاللهم تقبل منا القليل، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
وما يراه القارئ الفاضل إنما هي قطرات في بحر خدمة الدين ورفعة رايته، وليس لمثلي أن يستقصي الأمر ولكني أدليت بدلوي ونزعت نزعا لا أدعي كماله، والدعوة إلى الله ﷿ ليست
1 / 3
خاصة بفئة معينة من الناس لكنها شأن الأمة كلها.
اللهم انصرنا بالإسلام وانصر الإسلام بنا، واجعلنا ممن يحمل هم هذا الدين ونشره، وارزقنا الشهادة تحت رايته مقبلين غير مدبرين.
1 / 4
مستشفى طائر للتنصير
بتكلفة ٢٥ مليون دولار ..
نشرت الصحف العام الماضي الخبر التالي:
عم الترقب والتلهف حين وصلت الأخبار إلى المدينة حيدر أباد بجنوب الهند قبل شهور بأن (المستشفى الطائر) إحدى معجزات القرن العشرين سيزور المدينة لأسبوعين في شهر نوفمبر القادم، وسيعالج الفقراء فقط وسيجري عمليات جراحية للمعدمين الذين لا حظ لهم في الحياة .. وكل هذا سيكون مجانا .. وعلت لافتات كبيرة شوارع المدينة تعلن هذا الحدث العظيم، تدعو الفقراء للتقدم إلى عناوين معينة لتسجيل أسمائهم.
وهكذا حين حط المستشفى الطائر بمطار المدينة كان الجو مشحونا بالترقب، لدرجة أن كبير وزراء الولاية (تشاندرا بابو نايدو) بنفسه كان في استقبال المستشفى الطائر بالمطار وقام بزيارة أجنحته في شوق ولهفة للتعرف على أحدث الأجهزة والتسهيلات التي يقدمها هذا المستشفى الذي يعتبر أكبر مستشفى طائر في العالم. فقد تم تحويل طائر لوكهيد من طراز (لـ ١٠١١ - ٥٠) إلى مستشفى طائر بإنفاق (٢٥) مليون دولار على هذا المشروع.
وتدافع الفقراء إلى المدينة للحصول على العلاج المجاني الذي قيل: إنه سيكون ذا مستوى عالمي غير متوفر في الهند. وسرعان ما انكشف الأمر حين بدأ المرضى يكتشفون بأنفسهم حقيقة هذا العمل الخيري. فكان أول شيء يتعرض له المريض قبل الكشف عليه
1 / 5
هو السؤال عن ديانته ثم يعطى محاضرة لنحو (١٠) دقائق حول (السيد المسيح) والمسيحية (١) وضرورة البحث عن الخلاص في رحاب (السيد المسيح) ثم يعطى كمية من الكتب والنشرات ويطلب منه دراستها والحضور إلى عنوان معين بعد أيام. وكان من أوائل هؤلاء سيدة مسلمة تدعى (سعيدة بي) التي رمت بالكتب وصرخت في وجوههم: إن لها ديانة تؤمن بها وهي جاءت هنا للعلاج، وليس للوعظ والكتب.
وحين علت الصيحات وأخذت الصحف المحلية تكشف حقيقة هذا العمل الخيري، خفت نبرة الوعظ وسكتت مكبرات الصوت، ولكن محاولات التنصير لم تنته.
وظهر من تحقيقات الصحافة أن المستشفى الطائر يتبع منظمة تنصيرية تدعى «عملية البركة الدولية»، والتي تتبع بدورها منظمة شبكة الإذاعة المسيحية التي يرأسها المنصر المعروف (بات روبرتسون) الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وسبق أن رشح نفسه في الانتخابات الأمريكية سنة ١٩٨٧ م كما عمل في إدارة الرئيس ريغان سنة ١٩٨٢ م.
ويقال: إن هذا المستشفى الطائر، الذي يزور مناطق كثيرة في أنحاء العالم، قد عالج حتى الآن (٤٣٠٠٠) مريض وأجرى أكثر من (١٩٠٠٠) عملية جراحية، وهو يمكث في مختلف الأمكنة نحو
_________
(١) الأولى إطلاق كلمة (النصرانية والنصارى).
1 / 6
أسبوع أو عشرة أيام، ويقال: إنه أكبر مستشفى جوي في العالم وهو مزود بكل التسهيلات الممكنة للعمليات الجراحية والعلاجية.
انتهى الخبر، والله أعلم كم مسلمًا تحول فكره إلى النصرانية؟ وكم مسلمة أثيرت الشبه في قلبها عن دين الإسلام؟
1 / 7
وهم يعملون
ذكرت مجلة البيان أنه أنشئ مستشفى تنصيري في عام ١٩٦٥ م في قرية (معلوم جات) في منطقة (شيتا جانج) في بنغلادش التي لم يكد يوجد بها نصراني آنذاك، أما الآن فقد بلغ عددهم أربعين ألف نصراني.
منظمة براك: منظمة تنصيرية كندية يتبعها في بنغلادش ٣٠٩٩ مدرسة، وعدد المنظمات في هذا البلد المسلم الفقير (٣٠٠٠) منظمة تنصيرية.
وكان عدد النصارى في دولة بنغلادش عام ١٩٧٢ م مئتي ألف نسمة وارتفع في عام ١٩٩١ أي خلال ١٩ سنة إلى خمسة ملايين.
وفي هذه السنوات بذلت أموال وجهود مكثفة حتى نالوا ما أرادوا.
نعم ما أرادوا لأنهم بذلوا وعملوا.
1 / 8
كيف أخدم الإسلام؟
كيف أخدم الإسلام. كلمة رنانة لها في القلب وقع وفي النفس أثر ...
خدمة هذا الدين أمنية عزيزة وهدف سام نبيل لمن رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ نبيا ورسولا، إنه حلم يراود الكبار والصغار والرجال والنساء، لكن الجنة سلعة الله الغالية لا تنال بالأماني والأحلام.
وقد وفق الله من شاء من عباده للقيام بأمر هذا الدين ونصرة أهله والدفاع عنه والدعوة له، وحرم آخرون من هذا الخير بسب أنفسهم وضعفها وجبنها وخورها وشحها وبخلها وتلبيس إبليس عليها.
خدمة الإسلام: شرف ما بعده شرف، وعز ما بعده عز.
خدمة هذا الدين: رفعة وعزة، وعلو منزلة، تسير في طريق آمن سار عليه محمد ﷺ وتقتفي أثره.
خدمة الإسلام: ليست قصرا على العلماء والفقهاء والمحدثين، وليست قصرا على الأغنياء والموسرين.
إنها باب مفتوح لكل مسلم ومسلمة، والناس ما بين مقل ومستكثر!
وفي هذا الكتاب أخاطب عامة الناس والضعفاء مثلي الذين يرضون بالقليل من العمل والدنو في الهمة.
قال ابن القيم ﵀: «فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة
1 / 9
المرسلين وأتباعهم».
وقال ﵀ عن الدعوة إلى الله: «إنها أشرف مقامات العبد، وأجلها وأفضلها».
قال مالك بن دينار: «إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور، والله تعالى يرى همومكم، فانظروا ما همومكم رحمكم الله» (١).
فانظر أيها القارئ ما هو همك، رحمك الله؟
وتأمل في مهمة الأنبياء والمرسلين فهي ليست إعمار الأرض ولا بناء الدور والقصور وإجراء الأنهار وغرس الأشجار، بل إن مهمتهم الأساسية تبليغ الرسالة وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فليكن لك من ذلك نصيب لتقتفي أثرهم وتسلك منهجهم.
_________
(١) الزهد للإمام أحمد ٤٥١.
1 / 10
ماذا يعود علي إذا خدمت الإسلام؟
الكل يريد خدمة هذا الدين ويبحث عن عمل يقربه إلى الله زلفى، ولكن الكسل والفتور وعدم المبالاة تصد الإنسان عن أمر الدعوة؛ استشعر الثمرات الحاصلة بالدعوة حتى تنهض من كبوتك وتقوم من قعدتك فإن لك أجرا ومثوبة وخيرًا عظيمًا.
من أعظم ما يعود عليك إذا قمت ونهضت لهذا الدين:
١ - الأجر والمثوبة: قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾.
٢ - التسديد والتوفيق .. قال ﷿ ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
٣ - حفظ الذرية قال تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾.
٤ - تكثير سواد المسلمين: فقد انتشر الفساد وكثر أتباعه، وبالدعوة يكثر سواد الأخيار ويزيد في الأمة عددهم ويظهر أثرهم.
٥ - تقليل الفساد ودحر المفسدين: فإن الدعوة إلى الله أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وفي هذا العمل دحر للمفسدين، وشل لطاقاتهم، وإيقاف لفسادهم.
٦ - النظر إلى نصر قادم لهذا الدين يعيد عز الأمة وكرامتها.
وأنت تعمل تلمس فجرًا يبزغ في وسط ظلام حالك .. إنه ضوء الفجر يبدو باهتا ثم يظهر شيئا فشيئا، حتى يعم النور، ويظهر قرص الشمس، وتنتشر أشعة الحق ونور الإسلام.
1 / 11
أين أثرك؟
كل من سار على هذه الأرض ترك أثرًا وعلامة تدل على مروره على هذه الأرض، فإن سرت على الرمال بدت آثار قدمك، وإن تجولت في حديقة ظهرت علامات طريقك.
ولنا اليوم أن نتساءل: لك سنوات تتعلم العلم فأين أثر علمك؟ ولك سنوات تصلي وتصوم فأين الأثر في النفس والجوارح؟ ولقد قرأت كثيرًا وحفظت كثيرا عن بر الوالدين وحسن المعاملة فأين النتيجة؟
دعني أنقلك إلى واقع موظف صغير في إحدى المستشفيات لترى كيف نفع الإسلام والمسلمين.
موظف صغير في المرتبة والمكان ولكنه موفق مسدد استثمر مكانه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك بتطبيق عملي، فهو يعمل في قسم المواعيد، فإذا أتته امرأة أحالها إلى الطبيبة مباشرة، وإذا تقدم إليه رجل أحاله إلى الطبيب، ثم في حالة وجود عجز وضغط على الطبيبة فإنه يحول النساء الكبيرات في السن إلى الطبيب. وهو بهذا حفظ نساء المسلمين وحفظ رجالهم ومنع وقوع المحظور الشرعي من رؤية الرجل للمرأة والمرأة للرجل.
أليس هذا الموظف الصغير قدم خدمة عظيمة للإسلام؟
ومن أمثلة خدمة الدين: طرح الآراء النيرة والأفكار الجيدة على أهلها، ومتابعة تنفيذها، وقد ألقى أحد الموفقين قبل سنوات كلمة إلى أحد الدعاة وقال له: هذه الجالية التي تقدر أعدادها
1 / 12
بالملايين لماذا لا يجعل لها مكان يختص بدعوتها وتعليمها الإسلام؟ ألقى هذه الكلمات على الداعية وخرج .. ولا يعرف من هو حتى الآن؟ بعد حين سعى الداعية إلى تنفيذ هذه الفكرة الجيدة وطرق الأبواب لإصدار ترخيص لأول مكتب جاليات في المملكة وكان له ما أراد، وزاد اليوم عدد تلك المكاتب عن مائة وعشرين مكتبا نفع الله بها نفعا عظيما.
فما رأيكم لو بقيت هذه الفكرة حبيسة رأس صاحبها؟
ومن أمثلة نفع الإسلام والمسلمين: عمل بسيط قام به أحد الشباب قبل سنوات، بأن أحصى من بداية العام الدراسي عدد المكتبات التجارية في حيهم، واشترى من جيبه الخاص مجموعة من الكتيبات والمطويات، والأذكار وذهب بها إلى تلك المكتبات وكانت فترة زحام وكثرة مشترين، وقال لكل صاحب مكتبة: هذه هدايا وزعها على المشترين: فسروا بذلك وفرحوا وأخذوها وفيما بعد طالبوا بالمزيد.
وقس على ذلك توزيع الكتب على الأسواق التجارية، ومحلات الملابس، والذهب، وغيرها مما يرتاده الناس بكثرة.
أما توزيع الكتب على صوالين الحلاقة، والمستشفيات الحكومية الخاصة، وإدارات الجوازات والمرور وأماكن المراجعين فيها، فهي ولله الحمد منتشرة وبكثرة لكنها تشكو من الفتور والغفلة وكل موظف يستطيع أن يجعل رفًّا من هذه الكتب كإهداء ويتعاهدها باستمرار ولا تكلف شيئا يذكر من مرتبة.
1 / 13
وفي مجال طبع الكتب ونشرها أذكر أن بعض الكتب التي نشرت هي من اقتراحات القراء مثل كتاب: (ماذا تفعل في ١٠ دقائق) وكتاب: (إلى من حجبته السحب) وكذلك فكرة كتيبات الجيب الدعوية المتدرجة مثل (إشراقات) وغيرها فهي فكرة من إحدى الأخوات فانظر أيها الحبيب إلى ثمرتها وكثرة النفع لهذه الاقتراحات.
وأذكر هنا عمل امرأة كبيرة محبة للخير، فقد كنت خارجا من مكة المكرمة إلى الرياض في رمضان العام الماضي وتوقفت للصلاة في مسجد أحد محطات الوقود وكان مصلى النساء بجوار مدخل الرجال وقد جلست بين المدخلين امرأة عجوز كبيرة وكان معها مجموعة من الأشرطة وبجوارها صغير لعله من أحفادها، وكلما رأت مصليا خارجا أرسلت الصغير بشريط من الأشرطة الإسلامية الموجودة لديها كهدية، وكان الشريط الذي أرسلته إلَّ عن بر الوالدين، فجزاها الله خيرا.
أخي الكريم:
ما ذكرته تجارب إخوة لنا في الإسلام ونحن لا نقرأ ونسمع لنستمتع بجهودهم ونفرح بأعمالهم فحسب بل لنقتدي ونتأسى، وإلا فقد قامت الحجة علينا فلا تأخذنا الغفلة وتلهينا الأماني!
فالدعوة تحتاج إلى قيام وجهد وتعب ونصب، يقول الله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ فأمره الله ﷿ بالقيام والجهاد في سبيل هذا الدين.
1 / 14
وقال الله ﷿ حاكيا عن أهل النار: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾.
فالنذير يذهب ويكد ويكدح في سبيل الوصول إلى الناس وتعليمهم وإرشادهم، ونبينا ﵊ في كل مكان يسعى إلى الدعوة فصعد الصفا، وذهب إلى الطائف، وهاجر إلى المدينة، كل ذلك في سبيل نشر هذا الإسلام.
1 / 15
كيف تخدم الإسلام
١ - تخدم الإسلام: إذا صح منك العزم وصدقت النية: فإن الله ﷿ يبارك في العمل الخالص لوجهه الكريم حتى وإن كان قليلا، والإخلاص إذا تمكن من طاعة ما حتى وإن كانت قليلة أو يسيرة في عين صاحبها ولكنها خالصة لله تعالى يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر كما في حديث البطاقة.
٢ - تخدم الإسلام: إذا عرفت الطريق وسرت معه: الطريق المستقيم هو سلوك طريق نبينا محمد ﷺ في أمر الدعوة ومبتدئها ووسائلها وطرقها والصبر على ذلك مع الرفق بالناس ورحمتهم فهم مرضى المعاصي والذنوب.
٣ - تخدم الإسلام: إذا استفدت من جميع الظروف المتاحة والإمكانات المتوفرة: وهذه نعمة عظيمة فكل الوسائل مباحة إلا ما حرمها الله ﷿، ونحن ندعو بكل الوسائل المشروعة مراعين الأدلة الشرعية والآداب المرعية.
٤ - تخدم الإٍسلام: إذا قدمت حظ الإسلام على حظوظك النفسية والمادية، خدمة هذا الدين معناها قيامك ببذل الغالي والنفيس من مال وجهد ووقت وفكر وغيرها، أرأيت من يحب رياضة (كرة القدم) مثلا، كيف يفرغ جهده ووقته وماله لمحبوبته تلك، وأنت أولى بذلك منه ولا شك.
٥ - تخدم الإسلام: إذا سلكت سبل العلماء والدعاة والمصلحين: فاستصحب الصبر وتحمل التعب والنصب فأنت في
1 / 16
عبادة عظيمة هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على أثرهم.
٦ - تخدم الإسلام: إذا ابتعدت عن الكسل والضعف والخور: فإن هذا الدين دين العزيمة والهمة والشجاعة والإقدام، ولا يضر الدعوة إلا خمول كسول، أو متهور جهول.
٧ - تخدم الإسلام: إذا ربطت قلبك بالله ﷿ وأكثرت من الدعاء والاستغفار ومداومة قراءة القرآن، فليس أنفع في جلاء القلوب وصقل الأرواح وجعلها تعمل ولا تكل، وتكدح ولا تمل من الإكثار من ذكر الله ﷿ والتقرب إليه بالطاعات ونوافل العبادات.
٨ - تخدم الإسلام: إذا ارتبطت بالعلماء العاملين: الذين لهم قدم صدق وجهاد معلوم في نصرة هذا الدين، فإن السير تحت علمهم وتوجيههم فيه خير عظيم، ونفع عميم.
٩ - تخدم الإسلام: إذا نظمت الوقت بشكل يومي وأسبوعي وشهري: فهناك أعمال تقضيها في اليوم، وأخرى في الأسبوع، وثالثة شهرية، ورابعة سنوية.
مثال اليومي: دعوة من تراهم كل يوم، وأسبوعي: من تقابلهم كل أسبوع، وشهري: مثل اجتماع الأسرة العائلي الشهري، وسنوي: مثل اللقاءات الكبيرة السنوية أو السفر إلى الحج أو العمرة وهكذا
١٠ - تخدم الإسلام: إذا وهبته جزءًا من همك، وأعطيته جزءًا من وقتك وعقلك وفكرك ومالك، وأصبح هو شغلك
1 / 17
الشاغل وهمك وديدنك، فإن قمت فللإسلام، وإن سرت فللإسلام، وإن فكرت فللإسلام وإن دفعت فللإسلام، وإن جلست فللإسلام.
١١ - تخدم الإسلام: كلما وجدت بابا من أبواب الخير سابقت إليه وسرت إلى الإسهام بالعمل فيه .. لا تتردد ولا تؤخر ولا تسوف ...
1 / 18
تأمل نعمة الله عليك
كثير اليوم شغلوا أنفسهم في غير طاعة، وبذروا أموالهم في غير طريق مشروع.
أحدهم: رهن منزله بأكثر من مليون ريال ليفك ضائقة مالية وقع فيها ناديه المفضل.
وآخر: أضاع عمره بين الاستراحات لهوا ولعبا، وثالث: أخذت وقته الصحف والمجلات، ورابع وخامس .. والكنز الثمين الوقت يذهب هدرا ويضيع سدى.
لقد اشتغل الكثير بسفاسف الأمور، وتضيع منهم أنفس اللحظات وأثمن الدقائق في غير ما خلقوا له.
تجد لأحدهم اهتماما دنيويا أخذ عليه ماله ووقته وجهده .. ودينه. أليس هذا من أعظم الحرمان؟
ثم أليس من أعظم نعم الله عليك أن صرفك لطاعته واستعملك في عبادته؟ !
وقفة:
يرى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ﵀ أن الدعوة إلى الله تصير فرض عين عند تغير الأحوال حيث يقول: «فعند قلة الدعاة، وعند كثرة المنكرات وعند غلبة الجهل كحالنا تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته» (١).
_________
(١) الدعوة إلى الله وما ينبغي أن يتحلى به الدعاة (١٦).
1 / 19
الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله ﷿ هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين من الدعاة والمصلحين قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾.
ويقول النبي ﷺ في حديث هو حجة علينا جميعا: "بلغوا عني ولو آية".
وبعض الجن أفقه من بعض الإنس لما نزل قول الله تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ كانت نتيجة ذلك أن قام البعض بمهمة الدعوة: ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ يدعون إلى الله ﷿ ﴿يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ﴾.
ويقول الله ﷿ حاكيا عن أهل النار: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ وهذا يؤكد أن الداعي هو الذي يذهب إلى الناس ويقوم بدعوتهم؛ ولهذا أمر الله ﷿ نبيه بالقيام، والعمل لأجلها: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ وهذا يتطلب جهدا بدنيًا وماليًّا وفكريًا للقيام بذلك كله.
ورتب الله ﷿ الأجر والمثوبة العظيمة والفضل الجزيل، لمن قام بذلك: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" [رواه البخاري ومسلم].
ويقول ﷺ: "من دعاء إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا" [رواه مسلم].
1 / 20
والدعوة لا تحدها الحدود ولا تردها القيود؛ هذا نبي من أعظم الدعاة إلى الله ﷿ يدعو وهو في السجن، الأبواب فيه موصدة، والجدران سميكة، والحراس أعينهم لا تنام، ومع هذا فهو يستفيد من كل الوسائل ويدعو من حوله: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾.
ونبي آخر هو نوح ﵇ لم يمنعه طول المدة وعدم الاستجابة من السير قدما في الدعوة مئات السنين: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ فأين هو ﵇ من صاحب النفس القصير الذي يدعو مرة وثانية ثم يتوقف؟
وأين من يكسل حينا ويفتر حينا آخر من نبينا محمد ﷺ وهو في النزع الأخير وقد اشتد عليه الخطب ودنا الفراق يحذر أمته ويقول: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [متفق عليه].
وأين الداعية الذي إذا أصابته نازلة توقف؛ من عمر بن الخطاب ﵁ الذي يدعو إلى الله وهو ينزف دما ويقول: "ردوا علي الغلام" ثم قال له: "يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك"؟
أين الداعية الذي يبخل ويشح بقليل الدراهم، وها هو أبو بكر ﵁ يخرج من ماله كله؟ أين الذي يبخل ولا يخرج إلى الرديء وأبو طلحة ﵁ لما سمع قول الله ﷿:
1 / 21
﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ خرج من أحب أمواله إليه (بيرحاء) وهو بستان مورق به ماء بارد؟
أين من يقدم نفسه ويقول بإيمان صادق: فزت ورب الكعبة؟
أين الذين يقولون: اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى؟ فهل قدمنا أرواحنا وهل خرجنا من أحب أموالنا، أم من أردئها وأقدمها؟
1 / 22