Партия Хашими и основание Исламского государства
الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
Жанры
لكن زمزم ليست ككل الآبار؛ فهي البئر الوحيدة التي قيل فيها إنها حفرت بأمر غيبي - في حلم عبد المطلب - إضافة إلى ما شاع يتردد حول أمرها، بحسبانها فعلا إلهيا لا إنسانيا، فجرها الله قديما تحت خد إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام) ليشرب وأمه منها. وفي ذلك يقول ابن هشام في السيرة: «فضل زمزم على سائر المياه: فعفت زمزم على المياه التي كانت قبلها يسقى عليها الحجاج، وانصرف الناس إليها لمكانها في المسجد الحرام، ولفضلها عما سواها من المياه، ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ...»
12
ويقدم لنا ابن كثير نص هذا الأمر أو الوحي بحفر زمزم، وهو:
احفر زمزم، إنك إن حفرتها لن تندم، هي تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، مثل نعام حافل لم يقسم، وينذر فيها ناذر لمنعم، تكون ميراثا وعقدا محكم، ليست كبعض ما قد تعلم، وهي بين الفرث والدم.
13
ثم يعقب بالقول: إن عبد المطلب «ساد في قريش سيادة عظيمة، وذهب بشرفهم ورئاستهم؛ فكان جماع أمرهم عليه، وكانت إليه السقاية والرفادة بعد المطلب، وهو الذي جدد حفر زمزم بعدما كانت مطمومة من زمن جرهم، وهو أول من طلى الكعبة بذهب في أبوابها، من تينك الغزالتين اللتين من ذهب، وجدهما في زمزم مع تلك الأسياف القلعية.»
14
ثم يؤكد أن عبد المطلب كان مؤسسا لملة واعتقاد، فيروي عن ابن عباس وابن عمرو ومجاهد والشعبي وقتادة ... (عن ديانة أبي طالب بن عبد المطلب): «هو على ملة الأشياخ ... هو على ملة عبد المطلب.»
15
ويبدو أن أخطر شأن في هذه الملة وفي أمر عبد المطلب جميعه، هو إدراكه للنسب وخطورته بين الأعراب، بحسبانه العامل الجوهري في تفككهم السياسي؛ لاعتزاز كل قبيلة بنسبها القبلي - والذي ظل مستبطنا في بطن التحول الجديد للبنية الاجتماعية المكية - ومن هنا كان إعلانه أن العرب جميعا وقريش خصوصا، «يعودون بجذورهم إلى نسب واحد؛ فهم برغم تحزبهم وتفرقهم، أبناء لإسماعيل بن إبراهيم»؛ لذلك، ولأنه ينتمي إلى هذه السلالة الشريفة، فقد أعلن في الناس تبرؤه من أرجاس الجاهلية، وعودته إلى دين جده إبراهيم، ودين إبراهيم هو الفطرة الحنيفية التي ترفض أي توسط بين العبد والرب، فإذا أهل رمضان صعد إلى غار حراء متحنفا، ثم عاد ينادي قومه أنه قد حرم على نفسه الخمر،
Неизвестная страница