162

История андалузской литературы (Эпоха господства Кордовы)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)

Издатель

دار الثقافة

Издание

الأولى

Год публикации

١٩٦٠

Место издания

بيروت

Жанры

وقال:
فإذا ما انقضى دنان على الله؟ ... واعتمدنا مواضع الصلوات وانفق كثيرا من طاقته الشعرية في التغزل بالغلمان، حتى ان السجن لم يشغله عن هذا الموضوع، بل ظل سادرا فيه، ومن الإنصاف له أن نسجل له مزجة بين التهتك والتعفف في مقام واحد، ذهابا مع ما يسميه هو المروة أو الفتوة.
ومع ذلك فان السجن كان من أقوى الدوافع التي كادت أن تحطم عليه طريقته الشعرية، التي قامت على المجانة واللهو في الموضوع وعلى الإغراق والإحالة في تعقب الصور والمعاني، وانطلقت أشعاره في السجن من خلجات الحزن العميق ودوافعه، ورده وضعه إلى شيء من التأمل في نفسه وفي نهايته، وملأ أبياته بالبكاء حينا وبالتشوق إلى الانطلاق حينا آخر، وحلت العاطفة الجياشة في شعره محل التصنيع الذهني، ومن أمثلة ذلك قوله (١):
وقالت تظن الدهر سيجمع بيننا ... فقلت لها من بظن محقق
ولكنني فيما زجرت بمقلتي ... زجرت اجتماع الشمل بعد التفرق
أباكية يوما ولم يأن وقته ... سينفد قبل اليوم دمعك فارفقي ومن قصائده التي انبعثت من المحبس أيضًا (٢):
على كبري تهمي السحاب وتذرف ... وعن جزعي تبكي الحمام وتهتف
كأن السحاب الواكفات غواسلي ... وتلك على فقدي نوائح هتف ولو أنا قارنا هذه الانطلاقات العاطفية بأبياته التي أوردتها من قبل في وصف الأزهار والربيع لتبين لنا الفرق واضحا، فهنالك اهتدى إلى معنيين جميلين بعد الكد والاجتهاد، حين زعم اولا ان الماء قد غاص

(١) المطمح: ٧٢
(٢) المطمح: ٧٣

1 / 166