История андалузской литературы (Эпоха Тайф и Альморавидов)
تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)
Издатель
دار الثقافة
Место издания
بيروت - لبنان
Жанры
تاريخ الأدب الأندلسي
تصدير
هذا هو الكتاب الثاني في تاريخ الأدب الأندلسي أقدمه لدراسة الظاهرة الأدبية في عصر أمراء الطوائف ودولة المرابطين بعد أن قدمت الكتاب الأول، ودرست فيه الأدب الأندلسي في عصر سيادة قرطبة.
ولم أتقيد فيه كثيرا بالمنهج الذي سرت عليه في الكتاب الأول؟ إلا في الخطوط الكبرى - وذلك لاختلاف في العصرين وفي طبيعة المادة المتيسرة عن كل منهما. وبينا أسهبت في ترجمة الشعراء المشهورين هنالك، أحجمت عن إفراد ترجمات خاصة بالمشاهير من الشعراء والأدباء هنا، واكتفيت بما قلته عن بعضهم في سياق الفصول العامة.
وقد كانت الصعوبة الكبرى في إعداد هذا الجزء هي الحصول على مصادر هذا العصر الذي ادرسه وأهمها ما يزال مخطوطا. على أن الجزء الذي حصلت عليه منها؟ بالتصدير أو النسخ - كان ذا عون كبير في تصويري للعصر، وإمدادي بالمادة الأولية اللازمة لبناء هذه الفصول، وإذا كان كتاب " الذخيرة " بأجزائه المطبوعة والمخطوطة قد غلب على تصوري لهذا العصر، فما ذلك إلا لان هذا الكتاب كله؟ على ضخامته - خاص بالعصر الذي ادرسه، وهو اشمل الكتب
1 / 1
الأندلسية، وأغزرها مادة، حين يكون عصر الطوائف والمرابطين موضوع بحث.
ولست ازعم ان كل ما قلته في هذا الكتاب؟ أو جله - جديد على القراء أو دارسي الأدب الأندلسي، ولكن القارئ المنصف سيلمس أنني حاولت شيئا ما في بناء، مثلما حاولت إعطاء قيمة للنظرة والحكم حيث رأيت ذلك لازما أو حيث وجدت الجيد مسعفا والطاقة ملبية، وأنني عنيت بالكشف مثلما عنيت بتأسيس هذه الدراسة على أصول تاريخية نقدية معا. وبما أنى استمد اكثر شواهدي من المخطوطات، رأيتني أحيانا استكثر من الأمثلة رجاء أن يشركني القارئ في استبانة وجه القضية أو طبيعة الحكم.
وأنا مدين في إنجاز هذه الدراسة لصديقين أمداني بما احتاجه من مصورات للمخطوطات الأندلسية، وهما الأستاذان فؤاد السيد أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية، ومجمد رشاد عبد المطلب، سكرتير معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، فلولا مبادرتهما إلى تزويدي بما طلبته من مصورات لعجزت عن الوفاء بإنجاز هذه الدراسة. فشكري الخالص لهما، ولصديقي الدكتور احمد أبو حاكمة أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم الذي أرسل ألي صورة عن كتاب " الذيل والتكملة " للمراكشي عن النسخة المحفوظة بالمتحف البريطاني.
أما القراء الذين وجدوا في كتابي السابق شيئا يستحق ثنائهم وتشجيعهم فأرجو أن يجدوا في هذا الكتاب ما يجعلني دائما عند حسن ظنهم، والله يوفقنا جميعا لما فيه الخير.
الجامعة الأمريكية ببيروت
في آذار (مارس) ١٩٦٢ إحسان عباس
1 / 2
مقدمات تاريخية
- ١ -
كانت الفتنة البربرية التي تحدثت عنها في كتاب سابق، حقيقة يمكن الحدس بوقعها، لدى من كان يرى ببصيرته عوامل الانفصال والتجزؤ كامنة تحت سطح الظاهر الموحد الذي سعى المنصور ابن أبي عامر ليحفظ به حين ذهب يستكثر من الجنسيات المختلفة في الجيش. وكان انقسام تلك الجنسيات، واستقلال الزعماء البارزين في كل منها مرهونا بزوال الحاكم القدير، ولذلك ما كادت شئون الدولة بعد المصور تقع في حوزة حجاب ضعفاء وخليفة مسلوب الإرادة حتى اشرأبت الأعناق إلى الفتنة، وتباينت أهواء العناصر التي لم يدركها النماذج والأنصار، وعمت الفوضى بلاد الأندلس، وأخفقت كل المحاولات التي بذلها المخلصون الحادبون على وحدة البلاد ورسم الخلافة؟ أخفقت في إعادة الأموية، وأنقسم الثغر الذي كان في حاجة شديدة إلى رابطة جامعة، في ولايات، وكان أصحاب تلك الولايات يمثلون العناصر القوية في الجيش اعني الموالي
1 / 7
العامرين والبرابرة وبعض الظاهرين من أبناء العرب.
ولما انقلبت الوحدة إلى تكثر أصبحت الأندلس دولا متعددة، لكل دولة حاكم وإدارة وجيش وحياة أدبية وفكرية شبه مستقلة، وأصبحت العلاقات بين الحكام قائمة على التحرز والحذر وإنفاق الأموال في بناء الحصون (١) والاستكثار من المرتزقة في حال الدفاع، إذ غدت مشكلة الحدود الداخلية أهم مشكلة وأبرزها بين أولئك الأمراء؛ أو أصبحت قائمة على طلب التوسع والغلبة وانقضاض القوي منهم على الضعيف في حال الهجوم. وفيما بين ذلك محالفات توجهها المآب العابرة، ثم لا تلبث من بعد ذلك ان تنفصم. وفي هذا فقد الأمراء القدرة حتى على التوحد المؤقت أمام الخطر المشترك، ذلك لأنهم رضوا أول الأمر؟ متفرقين - أن يدفعوا الجزية الروم، ثم عجزوا عن جمع الكلمة حين أصبحت الجزية مكسبا لا يكفي القوي الغالب، واصبح اقتصاص الحدود واقتضاض الفرص المؤاتية للغزو هو المبدأ السائد. بل لعلهم ذهبوا إلى ما هو ابعد من ذلك حين كانوا يحتكمون إلى صاحب الروم في خلافتهم الداخلية، أو حين يستعين به المضعوف منهم ليأخذ له بحقه. وبذلك تفتت الصخرة الصلبة المخوفة إلى أجزاء صغيرة واهنة، وأصبحت الأندلس معبرا لقوى الشمال والجنوب، فهي إما عرضة لغزو الروم، وهي إما جزء من المغرب، ولم يبق لها شخصيتها القديمة، لأن أمراءها شاءوا أن يفزعوا إما إلى الشمال أو إلى الجنوب، وفيما كانوا يتقاتلون على تحقيق أطماعهم الفردية الصغيرة وقعوا فريسة لأطماع خارجية.
فإذا شئنا الدقة قلنا نؤرخ هذا العصر؟ من الناحية الأدبية، إننا نؤرخ وقوع الأندلس بين قوتين ضاغطتين أو كلكلين ثقيلين تقع
_________
(١) مذكرات الأمير عبد الله: ٨٩ وما بعدها.
1 / 8
بينهما صورة مضطربة لأمراء نسميهم " ملوك الطوائف "، يتفاوتون فيما بينهم قوة وضعفا وبقاء وزوالا، كما تتفاوت أحجار الشطرنج على الرقعة، في حرية الحركة وفي مدى البقاء والقدرة على الثبات. ومن أجل ذلك لم نعد الفتح المرابطي وسيادة المرابطين عصرا جديدا في تاريخ الأندلس الأدبي، لأنه على الرغم مما أحدثه الفتح من تغيرات في النفسية الأندلسية وفي بعض الأوضاع السياسية والاجتماعية فان الأندلس من الوجهة الثقافية والأدبية قهرت فاتحيها كما قهرت يونان من تغلبوا عليها ذات يوم. ومما كان الفتح المرابطي إلا تحقيقا لفعل القوة الضاغطة الآتية من الجنوب وقد يكون مركز الثقل الأدبي قد انتقل أحيانا إلى مراكش ولكن اكثر القائمين بذلك النشاط الأدبي كانوا يومئذ من الأندلسيين.
- ٢ -
ولم يتشبث الأندلسيون بعيد الفتنة، طويلا، بالرمز الذي تأوي إليه الجماعة الإسلامية، أعني اسم الخلافة ورسمها، على ما كانت حال المشارقة، ولكن بني المنتسبين إلى العلوية حاولوا ان تكون لهم امرة المؤمنين، كما فعل الفاطميون بمصر. وكان من ذلك أعلن صاحب اشبيلية القاضي ابن عباد أن الخليفة هشاما المؤيد (آخر خليفة ذي بيعة من الأمويين) ما زال على قيد الحياة، إذ عمد إلى شخص يدعى " خلف " الحصري شبيها بهشام فدعا الناس إلى بيعته من وراء حجاب - رجاء ان يستمد من وجود الخلافة في اشبيلية سندا معنويا لنفسه. ولكنه
1 / 9
بعد سنوات استنفذ مآبه من هذه الإشاعة فأعلن أن هشاما قد مات، المزعوم نهاية للرمز المقدس. وتلك " اخلوقة لم يقع في الدهر مثلها " كما يقول ابن حزم (١) .
والحق أن سياق الأحداث بعيد الفتنة مباشرة كان محيرا لذي الوعي المتيقظ، سواء أكان الرجل الواعي فقيها أو شاعرا، أما الفقيه الذي نقدر فيه الوعي، مثل ابن حزم، فقد أقضت مضجعه الحال التي صارت إليها الأندلس دون إمامة، وظل يحس انه بعيد عن التعاطف مع تلك الإمارات المتنابذة، إلا لم يلبث ان انصرف إلى حومة الفقه والمطارحات الجدلية، وقد تكيف وعيه بحسب المشكلات الصغيرة التي تعرض بين الحين والحين، وأعرض عن التفكير في المشكلة الكبرى، مشكلة الوحدة والرابطة القوية.
وأما المؤرخ الواعي الذي يمثله ابن حيان فأصابه الذهول لما أصاب البلاد من تفكك وما دهم قرطبة " عاصمة الخلافة " من تخريب، ولكنه بعد وقت غير طويل أمسك بالقلم ثانية ليكتب؟ نزولا على الأمر الواقع - تاريخ تلك الممالك نفسها. " وأنسأتني المدة أن لحقت بيدي منبعث هذه البربرية الشنعاء المدلهمة، المفرقة للجماعة، الهادمة للمملكة المؤثلة، المغربة الشأو على جميع ما مضى من الفتن الإسلامية، ففاضت أهوالها تعاظما أولهني عن تقييدها، ووهمني ان لا مخلص منها، فعطلت التاريخ إلى ان خلا صدر منها.. (٢) " ثم جرى القلم بعد احتباس وعاد المؤرخ سيرته الأولى، بل عاد يكتب، ليقدم ما يكتبه إلى " أكرم خاطب، وأسنى ذي همة، الأمير المؤثل الإمارة المأمون ذي
_________
(١) نقط العروس: ٨٣.
(٢) الذخيرة ١/١ ٨٧.
1 / 10
المجدين الكريم الطرفين يحيى بن ذي النون (١) .
وأما الشاعر الواعي فانه بكى قرطبة قليلا وتحسر على ما فات وتلدد في تيه الضياع زمنا يفتش عن الحامي الذي يرتزق من عطاياه، وينفق لديه سلعته، وما لبثت الأمور ان عادت تجري مجرها، واذا كل أمير لدى أي شاعر هو أعظم الناس وأكرمهم وأشجعهم جنانا ولسانا، وأصبح الشاعر كالفقيه الصنيعة والمؤرخ المحدود الأفق، بل فاقهما في توسيع الهوة بين الحاضر والماضي، وفي " التسوير " حول أميره بسياج من الثناء الطويل العريض، سياج يوهم به صاحبه انه حقيق بخير ما تمنحه الأقدار، وانه كفاء بما بين يديه وما دونهما، وذلك ترسيخ لمعنى الفرقة، وقصر نظر عن التمرس بالمشكلة العامة. ولولا إثارة من شكوى سوء الحال يومئذ لكان الشعر الأندلسي مغلفا على المتطلبات الصغيرة التي تستدعيها المناسبات كأن يتبارى شعراء بطليموس في وصف فرس للمتوكل في كفله ست نقط (٢)، أو يكدون قرائحهم لوصف الأعذار الذنوني (٣) . ولكن لم يحن الحين للحديث عن الشعر، فلذلك موطن آخر.
_________
(١) المصدر نفسه ٨٨.
(٢) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط) الورقة: ١٨٨.
(٣) الذخيرة ٤/١: ٩٩ وما بعدها.
1 / 11
- ٣ -
من هم لولئك الأمراء الذين نطلق عليهم اسم: ملوك الطوائف "؟ وما هي إماراتهم؟ لو كان المجال مجال الدراسة التاريخية، من أجل التاريخ نفسه، لكان الإسهاب أمرا معقولا بل مطلوبا لازما، أما في هذه المقدمة فان الإيجاز هو الأمر الضروري، وعلى هذا نستطيع أن نقسم أولئك الأمراء في أربع فئات:
ا - موالي العامرية
حكموا في شرق الأندلس أي في المرية ومرسية وبلنسية ودانية وما والاها من جزائر. فكانت المرية ومرسية تحت حكم خيران العامري (٤٠٥ - ٤١٩) ثم خلفه فيهما زهير العامري (٤١٩ - ٤٢٩) وبعده انشطرت المدينتان في دولتين فأصبحت المرية من نصيب بني صمادحٍ (٤٣٣ - ٤٨٤) وأصبحت مرسية من نصيب بني طاهر (٤٢٩ - ٤٧١)؛ أما دانية والجزائر فكانت لمجاهد العامري وابنه اقبال الدولة من بعده (٤٠٠ - ٤٦٨) إلى أن ضمها بنو هود إلى ملكهم وسقطت (٤٨٤) في يد المرابطين. وشهدت بلنسية عددا من الأمراء توالوا عليها إلى أن ثار فيها القاضي ابن جحاف (٤٨٥ - ٤٨٧) ومن يده أخذها السيد القنبيطور (٤٨٧) ومنه استولى عليها المرابطون.
1 / 12
ب - البربر:
١ - بنو زيري الصنهاجيون في غرناطة ومالقة: نظم هذه الامارة حبوس ابن ماكسن، وكون لها جيشا، وعقد بينه وبين الأمراء جيرابه روابط المودة، وحاول شيئا من التوسع فاستولى على قبره وجيان، وخلفه ابنه باديس فكانت بينه وبين زهير العامري صاحب المرية حرب، قتل فيها زهير وكاتبه ابن عباس، ثم مد نظره إلى ما في يد بني حمود، وكانوا قد ضعفوا فاستولى على مالقة، وهنا اصطدم بابن عباد في نزاع من أجل الفوز بتلك المدينة، فكان النصر له على عباد وقد طال حكم باديس والقى شئون الدولة إلى وزيره اليهودي ابن النغرالة، وإلى نفوذ النساء في القصر، حتى ساءت الحال، وثار أهل غرناطة باليهود فقتلوا منهم مقتلة. ولما توفي باديس خلفه حفيده عبد الله بن بلقين صاحب المذكرات، وتجددت المنافسة بينه وبين ابن عباد إلى أن سقطت طليطلة في يد الفونسو السادس (الاذفونش) ملك قشتاله، واتفق أمراء الأندلس على الاستعانة بالمرابطين. وكان المرابطون هم الذين ازالوا عبد الله عن ملكه (٤٨٤) .
٢ - بنو الأفطس أصحاب بطليموس (وقد انتسبوا إلى قبيلة تجيب العربية، ولكن الثابت انهم من البربر) كانت مملكتهم واسعة، اشتبك صاحبها من جهة مع بني عباد في معارك متعددة، ومع بني ذي النون من جهة اخرى، ومن اشهر رجالها محمد بن الأفطس الملقب بالمظفر (٤٦١) الذي وقف ضد فرناندو (فردينايد الأول) ملك قشتالة. وأخيرا وافق على ان يدفع الجزية لذلك الملط، ومنهم المتوكل ابن الأفطس الذي شهدت المملكة في عهده شيئا من الاستقرار، إلى إن أزال المرابطون دولته.
1 / 13
٣ - بنو ذي النون في طليطلة: (وهي الثغر الأوسط، ومن الممالك المواجهة لحدود الممالك الأسبانية، ومن ثم كان موقعها هاما لمن يستولي عليها) . ومن رجال هذه الدولة إسماعيل بن ذي النون الملقب بالظافر، وولده يحيى الملقب بالمأمون، وحكم هذا الثاني ثلاثة وثلاثين عاما، وكان على نزاع مع ابن هود صاحب سرقسطة وابن عباد صاحب اشبيلية، وقد استعان المأمون بفرناندو ضد بني هود، في مقابل دفع الجزية وإقراره له بالسيادة، عندئذ ذهب ابن هود أيضا يستعين بفرناندو.
غزا المأمون هذا بلنسية واستولى عليها، وحاول الاستيلاء على قرطبة فلم يمكنه ابن عباد من ذلك. ولما تولى الأمر حفيده يحيى القادر اضطرمت من حوله الفتن حتى فر ولجأ الفونس يستعين به على إرجاعه إلى مملكته، فأعانه على ذلك. غير إن الفونس استولى على طليطلة، فأدرك أمراء الطوائف طبيعة ما يحيط بهم من خطر.
٤ - بنو رزين أصحاب السهلة: مؤسس الدولة هذيل بن عبد الملك في شنتمرية، وكان هذا جبارا عسوفا محبا للترف، وخلفه ولده أبو مروان عبد الملك (٤٩٦ت) وقد طال أمد حكمه كتى بلغ ستين عاما. أدى لجزية لألفونس بعد سقوط طليطلة. وخلفه ابنه حسام الدولة يحيى، فلم يكن بشيء، ومنه استولى المرابطون على شنتمرية (٤٩٧) وخلعوه.
ج - العرب:
١ - بنو عباد اللخميون في اشبيلية (٤١٤ - ٤٨٤): مؤسس الدولة هو القاضي اسماعيل بن عباد، بدأت أولا في اشبيلية، ثم ظلت تتسع حتى أصبحت اكبر دولة من دول الطوائف، فقد استولي المعتضد على لبلة وعلى حصون
1 / 14
من مملكة بني الأفطس وعلى ولبة وعلى جزيرة شلطيش وشنتمرية الغرب. ثم فتح مدينة شلب وولى عليها ابنه المعتمد، وبذلك أصبحت الدولة تمتد من شرقي الوادي الكبير حتى المحيط الأطلسي غربا والجزيرة الخضراء جنوبا. إلا أن المعتضد كان كغيره من ملوك الطوائف يدفع الجزية لفرناند. ولما جاء المعتمد سار على سياسة أبيه في التوسع فاستولى على مرسية وتحرش بمملكة غرناطة، وفاوض الفونس ليحالفه كي يحتلا غرناطة معا؛ وكان ابن عمار رسوله إليه. وظل المعتمد يدفع الجزية لألفونس حتى اضطر إلى الاستعانة بالمرابطين بعد سقوط طليطلة.
٢ - بنو هود الجذاميون: أصحاب سرقسطة أو الثغر الاعلى، تولوا عليها بعد ان زالت دولة التجيبيين التي لجأ إليها الشاعر ابن دراج؛ واول بني هود سليمان الذي كان في حرب مع المأمون بن ذي النون، ولجأ كل منهما إلى ملك من ملوك الاسبان يستعين به في هذا الخلاف. وقبل موت سليمان قسم مملكته بين اولاده الخمسة منها خمس ممالك متنابذة. وأبرز الاخوة أحمد الملقب بالمقتدر، وقد تغلب على ثلاثة من اخوته وقامت بينه وبين الرابع حسام الدولة منازعات طويلة وفي عهده غزا النورمانيون مدينة بربشتر (٤٥٦) فتقاعس عن انجادها لأنها من املاك أخيه ثم فاد إلى ضميره واعان على استردادها. وكان المقتدر يدفع الجزية لملوك قشتالة، واستعان بالسيد القنبيطور ومن معه من جنود مرتزقة، وكذلك استولى على دانية (٤٦٨) . وتججد الفتنة بين خلفائه فعاد كل من المؤتمن، واخيه المنذر يستعين بالأجانب، وكان المؤتمن يعتمد على جهود السيد القنبيطور، وكان هذا البطل الأجنبي هو العقل المدبر واليد الفعالة لدى المؤتمن، وبجهوده تم الاستيلاء على بلنسية. وقد اتخذه المؤتمن أداة يصد بها زحف المرابطين حتى وجد ان شانجة (شانسو) الاراجوني
1 / 15
يهدد مملكة سرقسطة، فلجأ إلى حماية المرابطين إلى أن قتل (٥٠٣) وتسلم المرابطون المدينة بدعوة من أهلها.
٣ - بنو القاسم الفريون في البونت: مؤسس هذه الإمارة عبد الله ابن قاسم وخلفه ابنه محمد عين الدولة (٤٢١ - ٤٣٤) ثم أحمد عز الدولة (٤٤٠) وقد تعرضت هذه الدولة الصغيرة لغارات السيد القنبيطور ودفعت له الجزية حتى استولى عليها المرابطون (٤٩٧) .
٤ - بنو حمود الحسنيون: رشحوا انفسهم للخلافة في الفتنة، فأصبح علي بن حمود خليفة بقرطبة وتلقب بالناصر (ت ٤٠٨) وولي بعده أخوه القاسم بن حمود المأمون؛ ثار عليه ابن أخيه بن علي بمالقة واستولى على قرطبة (٤١٣) وتلقب بالمعتلي وكذلك غلب على الجزيرة الخضراء ولكن امده بقرطبة لم يطل إلى أن قتل (٤٢٧) . فبويع إدريس بن علي ومن بعده حسن بن يحيى وكان الصراع بين الحموديين أ، فسهم سبب ضعفهم وكذلك كان بنو عباد يطمحون إلى الاستيلاء على مملكتهم حتى تم ذلك عام (٤٤٦) وبذلك زالت الدولة الحمودية في الجزيرة مثلما زالت من مالقة عام (٤٤٩) . ويجب ان نذكر ان بني حمود كانوا عربا ولكن اعتمادهم كله كان على العناصر البربرية أو السودانية.
د - موالي الأموية:
وهم؟ في هذا المقام - بنو جهور أصحاب قرطبة، وأول القائمين منهم بالأمر أبو الحزم بن جهور، باختيار من شعب قرطبة. وتشمل هذه الامارة مدنا اخرى منها جيان وبياسة وأبدة، وقد قامت سياسة أبي الحزم على التآلف والمصانعة دون الحرب. ولما توفي (٤٣٥) خلفه
1 / 16
ابنه الوليد بن جهور فسار على سيرة ابيه. وبين أطماع بني عباد وبني ذي النون في قرطبة سقطت المدينة في يد العباديين وزالت دولة بني جهور بعد أربعين سنة من الحكم.
وهذه نظرة سريعة شديدة الايجاز، ولكنها تدل على جانب من الخلافات بين أولئك الأمراء، مثلما تشير إلى اعتمادهم على عون الأجنبي وعلى رضاهم بدفع الجزية، حتى كان استقلالهم في حقيقته تبعية مقنعة أو كما قال أحد المؤرخين: " وصاروا للفنش (ألفونس) عمالا يجبون له الأموال لا يخالف أمره أحد ولا يتجاوز له الحد " (١) . ولا بد من الإشارة إلى إنني لم أورد في هذا المقام جميع الإمارات، ولا سياق التتابع على الإمارة الواحدة ولا وقفت عند الصراع الطويل بين الإمارات المختلفة.
وليس هنالك من تفاوت كبير بين هذه الإمارات، فيما تنتهجه من نظم سياسية أو إدارية، فالسيد فيها ذو سلطان مطلق يميل في أغلب الأحيان إلى الاستبداد والاستهانة بالدماء وانتهاز الفرص، مع ميل إلى الاستكثار من أسباب الترف وضروب العمران. وهو يعتمد على وزير أو وزراء من طبقة الكتاب أو الفقهاء؛ وللوزير الكاتب مكانة هامة في الدولة لأنه اللسان المعبر عن سياستها وعلاقتها بأسلوب لبق أو قوي. أما العلاقة بين هذا السيد فهي علاقة الجباية نظرا لحاجته إلى المال لأعداد الجند وغير ذلك من شئون دولته وأسباب ترفه.
ولا يشذ عن كثيرا إلا بعض نزعات فردية كانت تنزع بصاحبها إلى العدل والمسالمة وإنصاف الرعية، وإلا النظام الذي استحدثه أبو الحزم ابن جهور في قرطبة فكان فريدا في نوعه وسط تلك النظم الفردية الجانحة
_________
(١) Abbadidarum ٢:١٦
1 / 17
إلى الاستبداد. فان أبا الحزم لم يظهر بمظهر الإمارة، فزعم انه إنما يدير البلد حتى يتفق الناس فيما بينهم على من يولونه؟ بعيد الفتنة - وظل يقطن في داره التي كانت له قبل زوال الدولة الأموية، وأبى الانتقال إلى أحد القصور، وكان ما يجمعه من أموال الدولة يجعله بأيدي أمناء يشرف هو عليهم، وصير أهل الأسواق جندا له، وجعل أرزاقهم رؤوس أموال تكون بأيديهم، محصاة عليهم، يأخذون ربحها، ورؤوس الأموال باقية محفوظة، وفرق ﵈ وأمرهم يجعله في الدكاكين والبيوت، حتى إذا دهمهم أمر في ليل أو نهار كان سلاح كل واحد معه في بيته أو دكانه، فرخت الأسعار في زمانه ونشطت التجارة وتغالى الناس في أثمان المباني. وكان إذا سئل عن شيء قال: ليس لي عطاء ولا منع، هو للجماعة وانا رابه أمر أو عزم على تدبير أحضرهم وشاورهم، وإذا خوطب بكتاب لا ينظر فيه إلا أن يكون باسم الوزراء، وأقام علاقاته بجيرانه على الموادعة والمسالمة (١) .
وسار ابنه أبو الوليد على سيرته في درء الحدود حتى كان الأمن في زمنه خيرا مما كان عليه أيام قوة الشرطة في الدولة الأموية والعامرية، وتنافس ابناه على السلطة في حياته، وأخذ كل منهما يستميل إليه طائفة من الجند، ويصطنع طائفة من الرعية، فعمد أبو الوليد إلى تحديد سلطة كل منهما فجعل لعبد الرحمن وهو الأكبر أمر الجباية والإشراف على الموظفين والتوقيع في الصكوك السلطانية وأسباب النفقة، وجعل إلى عبد الملك الإشراف على الجند وأعطياتهم وتجريد البعوث (٢) .
_________
(١) الذخيرة ١⁄٢: ١١٥ - ١١٧ والحلة السيراء: ٦٤ - ٦٦ والمعجب: ٣٩ - ٤٠ والجذوة: ٢٧ - ٢٨.
(٢) الذخيرة ١⁄٢: ١٢٢.
1 / 18
ولكن سياسة المسالمة والمواعدة لم تكن لتحفظ دولة تقوم بين عدة دول فاغرة إلى الالتهام، محدوة بالجشع في التوسع. ولذلك فان دولة بني جهور زالت ولم تعمر طويلا.
- ٤ -
وأصيبت الأندلس؟ في عهد الطوائف - بثلاث هزات عنيفة تركت اثرا بعيدا من اشاعة القلق والخوف والتوجس من المستقبل، وردد الأدب صداها، ولهذا السبب يجدر أن نوليها شيئا من الشرح في هذا المقام:
وأولاها استيلاء النورمانيين (الاردمانيين) على بربشتر (٤٥٦) وبلغ خبرها قرطبة في صدر شهر رمضان من ذلك العام " فصك الأسماع وأطار الأفئدة وزلزل أرض الأندلس قاطبة وصير لكل شغلا يشغل الناس في التحدث به والتساؤل عنه والتصور لحلول مثله " (١) . وقد صور ابن حيان هذه الحادثة بدقة، وخلاصة ما قال إن جيش الاردمانيين حاصرونا وجدوا في قتالها، ولم يتحرك يوسف بن هود لنصرتها، ووكل أهلها إلى أنفسهم، فظل العدو يحاصرها أربعين يوما، حتى قلت فيها الأقوات، فألحوا عليها، ودخلوا المدينة الخارجية، فتحصن الناس في مدينتهم الداخلية، وكانت السقيا تستمد من سرب يفضي إلى النهر،
_________
(١) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط): ٥٨ - ٦٢ وصف لحادثة برتشر نقلا عن ابن حيان، وانظر النفح ٦: ١٩١ وما بعدها.
1 / 19
فوقعت فيه صخرة حالت دون تيسر الحصول على الماء، فاجتمع على أهلها الجوع والعطش، فطلبت الحامية الأمان، فكان ذلك لها. ولكن الاردمانيين غدروا بهم وقتلوهم جميعا ولم يطلقوا غير قائدهم ابن الطويل وقاضيهم ابن عيسى. واستولوا من الغنائم على ما لا يكاد يحصى كثرة، وزعموا أنه حصل لأكبرهم في حصته نحو ألف وخمسمائة جارية أبكار، ومن أوقار الأمتعة والحلي والكسوة خمسمائة جمل، وقيل إنه أصيب فيها قتلا وسبيا ما يبلغ خمسين ألفا. وترك قائد الاردمانيين حامية في المدينة عددها ألف وخمسمائة من الخيالة وألفان من الرجالة. غير أن المقتدر أحمد ابن هود سعى بعد أشهر من الحادثة لإسكات سوء القالة عنه فاستولى على المدينة، وأسر من فيها فاسترق بعضا وأطلق بعضا بفدية عظيمة.
وثانية الهزات وأبلغها خطرا استيلاء الاذفونش على طليطلة، ولا بد لفهم هذه الحادثة من توطئه تعود بنا إلى أيام المأمون ابن ذي النون الذي كان قد جعل سياسة دولته ترتكز على كاهلي رجلين: ابن الفرج الذي كان يتولى تدبير الأجناد والأعمال الديوانية، والفقيه أبو بكر بن الحديدي الذي كان يتولى النظر في المظالم وغير ذلك مما لم يقع في نطاق سلطة ابن الفرج. ولما مات المأمون أوصى حفيده بأن يتمسك بابن الحديدي وأوصى هذا الفقيه بالحفيد الذي لقب بالقادر. وكانت مشيخة طليطلة تسعى للتخلص من ذلك الحفيد فوقف ابن الحديدي في وجوههم وكشف عن دسائسهم ضده في حياة المأمون حتى إن المأمون احتال عليهم وسجن عامتهم في مطبق بحصن وبذة، إحدى قلاعه المنيعة. فلما توفي المأمون وخلفه القادر أخذ من بقي معه من تلك البطانة يغرون بالفقيه ليتخلصوا منه، ونصحه ابن الفرج ان يحفظ لأبن الحديدي يده، وأن يحميه من أولئك الدساسين. ولكن القادر لغرارته لم يعر هذا النصح اهتماما، وإنما واطأ
1 / 20
الناقمين عليه وأطلق المسجونين بمطبق وبذة، وأدخلهم البلد سرا ملثمين سنة ٣٦٨؟ فعل كل ذلك بممالأة الفقيه ابن المشاط قاضي قونكة، وهو صديق ابن الحديدي الذي استدرج صديقه إلى قصر القادر حيث أحيط به وقتل غدرا.
وكان لابن الحديدي " شعبية " كبيرة، ولذلك ثار العتمة عندما سمعوا بمقتله، وكثرت الفرقة، وانقسم الناس أحزابًا، وعندئذ أعلن ابن عبد العزيز صاحب بلنسية أنه خارج على طاعة ابن ذي النون. وتحركت أطماع اذقونش بن فرذلند، فأخذ يشتط على القادر فيما يتطلبه، والقادر يبذل له ما يريد. وتحرك ضد القادر حزب المشيخة الذين أخرجهم من السجن (١)، فلما وجد الفوضى عامة هرب من طليطلة، وانفلت زمام البلد، وأقام أهلها؟ كما يقول ابن بسام - " في هياط ومياط ولجب واختلاط، ليس عليهم أمير، ولا فيهم إلى الصواب مشير ". وعندئذ تزعم عليهم رجل يدعى ابن القلاس، وأشار عليهم باستدعاء المتوكل ابن الأفطس، فدخل هذا طليطلة عقب سنة ٤٧٣.
أما ابن ذي النون الهارب فانه أخذ يراسل إذ فونش، ويذكره كيف أن بني ذي النون هم الذين مكنوه من الملك بعد أن ثارت المنازعات بينه وبين أخويه شانجه وغرسيه، وأن المأمون هو الذي آواه، عندما كان بحاجة إلى مأوى، فخف إذ فونش لمسارعته. وعندئذ فر المتوكل من طليطلة بعد أن " قمش ما بقته الفتنة من فرش فخم وسرادق ضخم وآنية وكتب ". وترك المدينة " كالسفينة خانتها الريح، والجسد بان عنه الروح ".
_________
(١) ذكر الأمير عبد الله في مذكراته أن أشدهم إفسادًا هم بنو الوارنكي وبنو مغيث ومن انحاش إليهم (المذكرات: ٧٧) .
1 / 21
وحاصر الاذفونش طليطلة ومعه ابن ذي النون سنة ٤٧٤، ولم يثبت ألط ليطلون لحصاره، وتراموا على إذ فونش يشكون ابن ذي النون، وبستصرخونه عليه، فلم يستمع إليهم. وكان القادر قد تعهد لصاحبه بأن يؤدي إليه حصونا وأموالا لقاء تلك المساعدة، وألح إذ فونش عليها بجيوشه، فغلت الأسعار، وكثر القتل والجلاء والتخريب. وطفق سكانها يستصرخون ملوك الطوائف فلا يجدون معينا، فتوسل المشيخة إلى إذ فونش لعله يرضى عنهم، فأدخلهم عليه حاجبه شئنند، الذي كان من قبل يعمل عند المعتضد ابن عباد، فأراهم أذفونش أن مصابرتهم لن تجديهم، وأن أحدا من ملوك الطوائف لن ينصرهم، وأطلعهم على ذلة وفود أولئك بباله، وانه يستنكف أن يأخذ منهم الضريبة التي ترده من أولئك الملوك. فخرج مشيخة طليطلة من عنده متعجبين يائسين، وسلموه البلد، فدخله على حكمه. وعندئذ وجد انه يستطيع أن يماحك ملوك الطوائف فأخذ يغلو في إذلالهم ويشتط فيما يطلبه منهم.
وولى ششند حكم المدينة فأدارها إدارة عادلة أمالت إليه القلوب وزادت في نفور الناس من ملوك الطوائف، وكان ششنند يرى أن تعطى البلد لأبن ذي النون وأن تبقى عامرة بأهلها، وأن لا يلح أذفونش على ملوك الطوائف لأنهم في حقيقة حالهم عمال عنده، فلم يقبل نصحه، وبدأ يغير جامع طليطلة ويحوله إلى كنيسة عام ٤٧٨، ولم يكن فيه من أحد إلا إمامه الشيخ المغامي وهم يستعجلونه ليخرج منه " وبين يديه أحد التلامذة يقرأ، فكلما قالوا له عجل، أشار هو إلى تلميذه بأن أكمل، ثم قام ما طاش ولا تهيب، فسجد به وأقترب، وبكى عليه مليا وأنتحب، والنصارى يعظمون شأنه، ويهابون مكانه، لم تمد إليه
1 / 22
يد، ولا عرض له بمكروه أحد (١) ".
وقد كان لسقوط طليطلة أثر عظيم في نفوس أهل المدن الأندلسية الأخرى، وهو الحادث الذي جرت نتائجه إلى استدعاء المرابطين.
ونثلث هذه النكبات بذكر ما جرى على بلنسية، وأن كانت قد سقطت بعد استيلاء المرابطين على معظم الأندلس، وإنما نوجز خبرها لنعود إلى السياق التاريخي فنتحدث عن استقدام المرابطين ثم اندثار إمارات الطوائف.
وكان بطل هذه الحادثة هو السيد القنبيطور الذي نسجت الأساطير الكثيرة من بعد حول بطولته وامجاده، وكان قد ربي في بلاط بني هود، واستغله هؤلاء في أعمالهم الحربية " واستعرب " بعض الشيء " فكانت تدرس بين يديه الكتب، وتقرأ عليه سير العرب، فإذا انتهى إلى أخبار المهلب، استخفه الطرب، وطفق يعجب منها ويعجب (٢)، ونتلخص قصة انحائه على بلنسية في أن اذفونش لما أخذ طليطلة وعد ابن ذي النون أن يعطيه بلنسية فذهب هذا إلى قونكة عند أشياعه بني الفرج وبقي فيها حتى مات صاحب بلنسية؟ ابن عبد العزيز - وعندئذ دخلها ابن ذي النون.
وفي تلك الأثناء كان المرابطون قد اخذوا يحتلون البلاد ويدين لهم
_________
(١) الذخيرة ٤/١: ١٣٢ وخبر الاستيلاء على طليطلة في الصفحات ١١٦ - ١٣٢ وراجع ما كتبه الأستاذ ليفي بروفنسال في " الإسلام في المغرب والأندلس "، الفصل الرابع ص١١٩ - ١٥٠ (الترجمة العربية) .
(٢) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط) ٣٢، والخبر عن سقوط بلنسية ورد في الأوراق ٢٢ - ٣٣؛ وانظر الفصل السادس من كتاب " الإسلام في المغرب والأندلس " ١٦٥ - ١٩٧ فهو دراسة عن السيد، والفصل السابع في استيلاء السيد على بلنسية: ٢٠٠ - ٢٣١.
1 / 23
ملوك الطوائف، فخافهم أحمد بن يوسف بن هود صاحب سرقطة على ملكه، فسلط القنبيطور على بلنسية لكي يجعله عقبة تحول بين المرابطين وتمنعهم من الوصول إلى دولة سرقسطة. فأقام القنبيطور على تلك المدينة وتسلم زمامها ثائر يدعى القاضي ابن جحاف، فتخلص من ابن ذي النون أو قتله أقارب ابن الحديدي ثارا للفقيه المتقدم ذكره.
ولم يكن ابن جحاف إلا فقيها لا يحسن أمور السياسة " ولم يعلم أن تدبير الأقاليم غير تلقين الخصوم، وأن عقد ألوية البنود، غير الترجيح بين العقود وانتحال الشهود " فقوي طمع لذريق؟ وهو أسم السيد - في أخذ المدينة وألح عليها بالحصار، وأخذ ابن جحاف يستصرخ المرابطين وقبل أن تصله النجدات، اضطر إلى تسليم المدينة. وعندئذ طالبه السيد بذخيرة نفيسة كانت لأبن ذي النون فأنكر أنها عنده، وحلف أمام أهل الملتين على ذلك، وأخذ القنطيبور عليه عهدا أنه أن وجدها عنده حل سفك دمه، وبعد البحث عنها وجدها، فأضرم للفقيه نارا وأحرقه، كما أحرق رجالا آخرين. " وأضرم هذا المصاب الجليل أقطار الجزيرة يومئذ نارا وجلل سائر طبقاتها حزنا وعارا ". وظلت بلنسية كذلك حتى استعادها أمير المسلمين عام ٤٩٥.
- ٥ -
كان الفونس السادس (أذفونش بن فرذلند) قد وضع نصب عينيه الأستيلاء على الأندلس، ولكن سياسته اتجهت نحو اضعاف ملوك
1 / 24