Геродот: Очень короткое введение
هيرودوت: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
يعزو هيرودوت إلى هذه الواقعة - «بالإضافة إلى الواقعة السابقة عندما قتلت نساء لمنوس أزواجهن» - العادة الإغريقية المتمثلة في الإشارة إلى أي جريمة نكراء بقولهم «فعلة لمنوسية». والتأكيد هنا لافت للنظر؛ فالخرافة القديمة التي تتحدث عن قتل نساء لمنوس أزواجهن تبدو كملاحظة ثانوية، بينما يسلط الضوء على الرواية التاريخية لجريمة الرجال المروعة بقتلهم محظياتهم وأولادهن بوصفها أصل الفعل الشائع. أجل، النساء في «تاريخ هيرودوت» يفعلن أشياء رهيبة، لكنها ليست أسوأ مما يفعل الرجال، وغالبا ما تكون رد فعل لوحشية الذكور؛ فهن يفعلن، ويرددن الفعل، ويفعل بهن. فيمكنهن أن يقتلن، لكن يمكنهن أيضا أن ينشئن. وعندما يقتلن، يورد هيرودوت سياقا مهما؛ لذا فعندما يقترح الأثيني لسداس بعد موقعة سلاميس أن ينظر إخوانه المواطنون في عرض سلام فارسي، تقصد نساء أثينا بيت لسداس وترجمن زوجته وأولاده، لكن ليس قبل أن يرجم رجال أثينا لسداس نفسه.
على امتداد صفحات «تاريخ هيرودوت»، يستخدم هيرودوت النساء لتبيان ميول الرجال الخطيرة، لكن النساء تثرن في الوقت نفسه اهتمامه كفاعلات في حد ذاتهن. ويحاكي هذا النمط معالجة غير الإغريقيات في الإثنوجرافيات، فوجودهن مفيد لعملية التفكير بفضل الطريقة التي يقدن بها القارئ إلى النظر إلى النواميس الإغريقية من زاوية جديدة ، لكن عاداتهن أيضا تستحق الدراسة بذاتها. والنساء اللاتي يناقشهن هيرودوت متنوعات فوق العادة، مثلهن مثل مختلف الشعوب التي درسها. وهيرودوت ليس من معتنقي فلسفة الجوهرية في أسلوب دراسته النساء؛ ففي نهاية المطاف، تعد النظرة الكونية الواسعة - التي ترفض اعتبار النساء عرقا منفصلا عن الرجال له سماته المميزة والعامة - واحدة من الروابط الأساسية بين «تاريخ هيرودوت» والملاحم الهوميرية.
الفصل السادس
هيرودوت والآلهة
ظل الإيمان بأن هناك «شيئا موجودا» خارج نطاق ما هو بشري محض وطبيعي محض قائما على مر التاريخ؛ فقد كان الدين في أغلب الأحوال من العموميات الثقافية عبر الزمان والمكان، على الرغم من أقلية عنيدة من المشككين، بعضها سري وبعضها الآخر علني. ويبدو الإيمان بالقوى فوق البشرية - أو الخوف منها - وبقدرتها على تشكيل الأحداث واسع الانتشار، وقد صممت شبكة واسعة من المنظومات لتحقيق الوصول إلى خواطرها وأمنياتها بالصلاة، أو بتأويل أشياء كالطوالع والأحلام ونبوءات الآلهة، أو بالاثنين معا.
وسوف نكتفي بالنظر في نبوءات الآلهة. أقام المصريون معبدا في بيت وادجيت حتى قبل تأسيس الدولة المصرية في أواخر الألفية الرابعة قبل الميلاد، وفي زمان هيرودوت، كان هذا الموقع يعرف باسم بوتو، وكانت كاهنته ما زالت محل تبجيل كبير. وكان الصينيون الذين عاشوا إبان أسرة شانج يلتمسون الإرشاد والهداية من «صدف الكهان». وأقام شعب مكسيكا مدينة تينوتشتيتلان في الموقع الذي تحتله الآن مدينة مكسيكو سيتي استنادا إلى إحدى نبوءات الآلهة. وفي منطقة الهيمالايا، ما زال العرافون يلعبون دورا مهما في اتخاذ القرارات الحكومية ويوفرون أيضا المعلومات الاستخباراتية، وكثيرا ما يستشير الدلاي لاما عراف التبت الرسمي، كاهن نيتشونج. بل إن بعض الأنفس الشجاعة تتوسل إلى نوع جديد من العرافين، حيث يخضعون أنفسهم لاختبارات وراثية لا تخبرهم بعمرهم المتوقع فحسب، بل أيضا بالمرض الذي يرجح أن يودي بحياتهم في النهاية.
تبرز مساحة كبيرة من «تاريخ هيرودوت» أهمية استيعاب تصريحات العرافين وتحليلها بتواضع وحذر. ولا يدهشنا أن هيرودوت يستخدم الطريقة التي يستجيب بها من جاءوا في كتابه للعلامات الإلهية لبيان كل من شخصية أفراد معينين والطبيعة الإنسانية بشكل أعم، ولقول شيء عما يقرر مسار التاريخ وما لا يقرره.
تأمل كرويسوس، الذي عندما تقلقه قوة قوروش المتنامية يرسل مبعوثين إلى تشكيلة واسعة من العرافين في كل أنحاء اليونان وإلى كاهن آمون في ليبيا، مختبرا إياهم ليكتشف أيهم يعرف ماذا يفعل في اليوم المائة من انطلاق الرجال في رحلتهم. وعندما تصيب كاهنة أبولو في دلفي كبد الحقيقة - وكان هو على وجه التحديد يسلق لحم حمل وسلحفاة في قدر من البرونز - يقرر أن يضع ثقته في دلفي ويقدم قرابين سخية هناك. وعندما نصح بضرورة تبين أي الدول الإغريقية ستكون أقوى حلفاء له، وأوعز إليه بأنه إذا خاض حربا مع الفرس فسوف يدمر إمبراطورية قوية، يشرع في استقصاء للسياسة الإغريقية (وهو ما يتيح لهيرودوت فاتحة طبيعية لبعض الخلفية عن أثينا وإسبرطة). كل شيء على ما يرام حتى تلك المرحلة، وكرويسوس يتصرف مثل مستقص هيرودوتي بكل معنى الكلمة، لكن في خضم لهفته على هزيمة قوروش، فاته أن يسأل أي إمبراطورية سيدمر.
يمضي كرويسوس - غير راغب في التخلي عن مسعاه بينما هو في الصدارة كما قد يبدو - ليسأل عما إذا كان عهده سيدوم طويلا، فترد الكاهنة بقولها إنه سيكون آمنا حتى يتربع بغل (والكلمة ذاتها بمعنى هجين) على عرش فارس. وهناك كثير من السخرية في استخدام هيرودوت النبوءات؛ فالجمهور يعرف أن ليديا ستسقط في يد قوروش، لكن كرويسوس لا يعرف، وهو - غير عارف بمسرحية ماكبث - لا يدرك أن ما يقدم له ضمانة زائفة. وكحال الملك الاسكتلندي الذي تروقه النبوءة التي تقول إنه لن يلحق به أذى شخص ولدته امرأة، يسر كرويسوس برد الكاهنة؛ إذ كيف يمكن لبغل أن يحكم إمبراطورية؟ لكن كما سيقتل ماكبث على يد مكدوف، «الذي أخرج من رحم أمه مبتسرا»، يهزم كرويسوس على يد قوروش، وهو «هجين» نصف ميدي ونصف فارسي. ففكرة «النبوءة الخادعة» الشائعة تفسد حياة كرويسوس ومملكته؛ فعلى الرغم من تحرياته الشاملة، فإن إغفاله مرتين تحري العناية الواجبة - التحقق أي الإمبراطوريتين سيدمر، وتحري إمكانية أن تكون كلمة بغل مستعملة استعمالا مجازيا - كان فيه نهايته.
وهناك المزيد. كانت الكاهنة قد حذرت سلف كرويسوس وقاتل مليكه جيجس من أن سلالته لن تدوم إلا إلى الجيل الخامس. وبإغفاله هذا الموضوع، رتب هيرودوت ببراعة لكي ينساه قراؤه، تماما مثلما نسيه كرويسوس. لكن سقوط الملك في نهاية المطاف محتوم على نحو مزدوج؛ إذ كان كرويسوس غير دقيق في تفسيره للنبوءة، لكنه كان أيضا ضحية قدر لا يرحم. وليس من قبيل المصادفة أن «تاريخ هيرودوت» وضع خلال أوج المأساة الإغريقية التي حام فيها القدر والإرادة الحرة حول أحدهما الآخر مع حصول نتائج كارثية، والتي كانت على الرغم من ذلك مثقلة بالسخرية أكثر من كتاب هيرودوت.
Неизвестная страница