Геродот: Очень короткое введение
هيرودوت: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
كذلك أمر بقطع رءوس من قاموا على بناء الجسر. لقد فصل خشايارشا ما أرادته الطبيعة واحدا (شطري جسد ابن بايثيوس)، ووصل ما جعلته الطبيعة منفصلا (آسيا وأوروبا). إن انتهاك خشايارشا الحدود الطبيعية يحاكي بالتأكيد انتهاكه الحدود الاجتماعية في مثلث كاندوليس والملكة وجيجس.
تسير الحملة بلا توقف نحو الغرب، فتشرب مياه الأنهار حتى تجف، وتتجاهل نذر الشؤم، وترفض النصائح السديدة. وفي صحبة خشايارشا خلال هذه الحملة ملك إسبرطة المخلوع ديماراتوس، وهو من بين شخصيات عديدة في «تاريخ هيرودوت» تقوم بدور «المستشار الحكيم» المتكرر. يأمره خشايارشا قائلا: أخبرني، هل سيجرؤ الإغريق على مقاومتي؟ فيجيبه ديماراتوس بقوله: حسنا، دعني أحدثك عن الإسبرطيين بصفة خاصة. سوف يقاتلونك حتى لو استسلم الإغريق الآخرون. تفوقك في العدد لن يعني لهم شيئا. لو خرج للحرب ألف منهم، فأولئك الألف سيقاتلونك، وكذلك سيفعل أي عدد، كثر أو قل.
يقول خشايارشا ضاحكا: كلا بالتأكيد. أنى يكون هذا وهم - على عكس رعيته - لا سيد لهم يحكمهم؟ فيجيبه ديماراتوس بقوله: يا جلالة الملك، هذا هو حال الإسبرطيين:
عندما يقاتلون رجلا لرجل، فهم في كفاءتهم مثلهم مثل أي ممن سواهم، لكن عندما يقاتلون في تشكيل، فهم خير جنود العالم. هم أحرار، نعم هذا صحيح، لكنهم ليسوا أحرارا تماما؛ لأن لهم سيدا، وذلك السيد هو القانون (الناموس)، الذي يخشونه أشد مما تخشاك رعيتك. وهم يطيعون هذا السيد ما أمرهم، وأمره دائما واحد: ألا تولوا الأدبار أبدا في الوغى، مهما كثر العدد، بل احتفظوا بمواقعكم، فإما نصر وإما موت.
اقتصر ديماراتوس في حديثه على الإسبرطيين، لكن هيرودوت نفسه، وفي الكتاب الخامس، قال شيئا عن الأثينيين أيضا؛ فعندما كانوا تحت حكم الأوتوقراطيين ممن عرفوا في اليونان ب «الطغاة» (ليسوا بالضرورة أشرارا، لكنهم أشخاص جاءوا إلى السلطة عبر انقلابات قاموا بها هم أو آباؤهم)، كانوا مقاتلين أكفاء، لكن كفاءتهم آنذاك لم تداني بأية حال كفاءتهم بعدما تخلصوا من الطغاة وأقاموا ديمقراطية، بعدما أراد كل شخص - كرجل حر - أن يحقق إنجازا بنفسه.
عندما يتلفظ ديماراتوس بهذه الكلمات، يضحك خشايارشا من جديد (للضحك الفارسي دائما دلالة سيئة في سرد هيرودوت)، ويمضي في طريقه دون أن يثنيه شيء عن مقصده.
ستكون أول مواجهة في ثيرموبيلاي، التي تمركز فيها ليونيداس ملك إسبرطة، وكانت معه طليعة من الإغريق. وبينما كانوا يضعون استراتيجية الحرب، اقترب منهم خلسة جاسوس فارسي لتقييم الموقف، وبعد أن رأى بعض الإسبرطيين متجردين من عتادهم للتريض، وبعضهم الآخر يمشطون شعورهم، قفل عائدا في دهشة وأخبر خشايارشا بما رأى. يقول ديماراتوس للملك المخدوع: لا تقل إنني لم أحذرك، لقد ضحكت عندما أخبرتك بأمر الإسبرطيين، لكن من عادتهم أن يعتنوا جيدا بشعورهم وهم مقبلون على المخاطرة بأرواحهم. لكن خشايارشا لا يتزعزع، ثم يشن رجاله هجوما، لكن بلا طائل. ويروي هيرودوت أنه يقال إنه بينما كان خشايارشا يراقب المعركة من موضع جلوسه، هب واقفا على قدميه ثلاث مرات ذعرا على جيشه. وفي اليوم التالي يقاتلون من جديد، لكن الفرس لا يستطيعون خرق صفوف الإغريق؛ فتصيب الحيرة خشايارشا وهو الذي اعتاد الحصول على ما يشاء.
ثم يتغير كل شيء؛ يخبر رجل من أبناء المنطقة طامع في مكافأة ثمينة، خشايارشا ببعض المعلومات المثيرة للاهتمام الشديد، فهناك ممر خفي فوق التلال موصل إلى ثيرموبيلاي. ينتشي خشايارشا. يصعد الفرس لاجتياز الممر. وفي ثيرموبيلاي، يفحص العراف الإسبرطي ميجستياس أحشاء القرابين ويعلن عن هلاك وشيك. يصل الفارون من القتال أثناء الليل حاملين أنباء تحركات الفرس، وعند انبلاج الصبح يأتي أفراد المراقبة الإغريق مهرولين من التلال. معظم القوات الإغريقية رحلت، فيميل هيرودوت إلى اعتقاد أن ليونيداس صرفهم عندما رأى ضعف معنوياتهم وانعدام حماسهم للقتال. بينما أحس ليونيداس نفسه أنه سيكون من غير اللائق أن يتخلى الإسبرطيون عن الموقع الذي أرسلوا للاحتفاظ به، زد على ذلك أنه كانت هناك نبوءة تقول إن موت أحد الملوك هو وحده الذي يمكنه وقاية إسبرطة من الدمار؛ لذا بقي هو وجنوده الإسبرطيون الثلاثمائة وقاتلوا، صامدين حتى النهاية، بسيوفهم إذا كانت ما زالت لديهم، وإن لا فبأيديهم وأسنانهم (في الحقيقة لم يكن هناك إلا 298 موجودون في النهاية، ولتتعرف على ما حدث للاثنين الآخرين، يجب أن تقرأ كتاب هيرودوت، وحتى هيرودوت يورد روايات بديلة). كانت الخسائر البشرية بين صفوف الفرس مرتفعة أيضا، حيث كان قادة فيالق خشايارشا يحثون دائما الرجال على التقدم وبأيديهم أسواط، وسقط كثيرون في مياه البحر وغرقوا، بل ومات أكثر منهم سحقا تحت أقدام رفاقهم الجنود.
يصف هيرودوت ثيرموبيلاي كنصر معنوي مدو؛ فهي لم تكسب للإغريق في جهة الجنوب وقتا فحسب، بل ألهبت حماسهم للتصدي للفرس انتقاما لليونيداس ورجاله. وفي الوقت نفسه، التقى الأسطولان الإغريقي والفارسي قبالة موقع قريب من مضيق أرتميسيوم لفترة دامت عدة أيام. لم يحسم أي الفريقين في النهاية القتال لصالحه، لكن المعركة شجعت الإغريق ليدركوا أن بمقدورهم التصدي لأسطول فارسي، وهذه معلومة مفيدة؛ لأن المعركة التالية ستدور رحاها في عرض البحر، في مضيق قبالة جزيرة سلاميس بالقرب من أثينا.
كان مهندس موقعة سلاميس هو السياسي الأثيني اللامع تيميستوكليس، الذي أقنع الأثينيين بأن النبوءة الإلهية التي تلقوها من دلفي وتتحدث عن «جدار خشبي» لا تشير إلى التحصينات الخشبية في معبد الأكروبوليس، بل بالأحرى إلى الخشب المصنوعة منه سفنهم ؛ وبالتالي أقنعهم بالتخلي عن أرضهم لخشايارشا، ونقل النساء والأطفال إلى سلاميس على أمل إعادتهم إلى الديار بعد قهر الفرس. بذل تيميستوكليس مجهودا مضنيا لإقناعهم، وفي عدم وجود غير ثلة من المدافعين، نهب خشايارشا المدينة وأحرق الأماكن المقدسة في الأكروبوليس. وكما في ثيرموبيلاي، فكر الجنود المحبطة معنوياتهم في الانفضاض والعودة إلى ديارهم، أو على الأقل العودة إلى برزخ كورنثة الذي سيكون الانسحاب منه سهلا نسبيا في حالة التعرض لهزيمة في المضيق. استبق تيميستوكليس الكارثة بإرسال غلامه سكينوس إلى المعسكر الفارسي برسالة إلى خشايارشا، وكان تيميستوكليس - كما أفاد سكينوس - على الجانب الفارسي في حقيقة الأمر. وقال إن الإغريق:
Неизвестная страница