التُرْس: هو المِجَنُّ الدائر، وعليه تدور الدوائر.
عن أنس بن مالكٍ قال: كان أبو طَلْحةَ يتترَّس مع رسول الله ﷺ بتُرْسٍ واحد.
فصل
ومن أسمائها جمعًا:) التِرَاس (، و) الجَوْب (، و) الفَرْض (، و) الجُنَنُ (،) والمجَانُّ (. واحدها) تُرس (، و) جَوْبٌ (و) فَرْض (، و) مِجَنٌّ (، و) مُجْنَأ (.
فإن كانت من جلود فهي) دَرَقٌ (، و) حَجَف (، و) يَلَبٌ (. واحدها) دَرَقة (، و) حَجَفة (، و) يَلَبةَ (. وقيل: إن) اليَلَبَ (مَدارعُ من جلد. وقيل: إنها كالبيضة للرأس خاصة. وقيل: إن) الجَحَف (من خشب. و) الدَّرّقُ (تصنع من جلود البقر، وتصنع من جُلود الوحش، ومن جلود اللمط، وهي أحسنها وأمْنَعُها. والّلمط. هو حيوان من إحدى غرائب المغرب، يَعْمُرُ الصَّحارَى يُصنع من جلده الدَّرق.
وخاصية دَرَقة جلد الّلمط أنها أن أصيبت بضربة سيف أو رمح انغلقت الضَّربةُ والتحمت من وقتها واختفت فلا تظهر.
فصل
يجب على صاحب التُّرس في القتال أن يتّرس بوسَط تُرسه من السيف والمزراق والحجارة، ويديرها يمنة ويسرة خارجًا عن محاذاته، ولا يلصقه ببدنه متى خاف وقع منه شيء به. ويدرأ به عن نفسه وعن فرسه في إدارته له، وأن يلقى الحجر بصدر التُرس أحسن، وليورِّيه ليزلَّ ما يقع عليه. ويترس من الرمح بجملته ومعظمه، فإذا أحسَّ بوقع السنان به ورَّى وأخرجه عن بدنه، وليحذر الاعتماد عليه عند ذلك بجسمه لئلا يصرعه، وليحذر أيضًا عند توريته به أن يَزِلَّ عنه) السِّنان (، فيعلق بثوبه. فهذا المقدار هو الذي ينبغي أن يحافظ عليه.
والعمل بالدَّرقة كالعمل بالتُّرس سواء. لكن الدَّرقة تحبس الرمح لرطوبتها واستواء جِرْمها، فيجب استراقه والتورية بها عنه، لئلا تَثْقُلَ في اليد فيتعذر العمل بها.
والركوب بالترس له حالتان في طوله وقصره: فإن كان طويلًا نزع يده من عُروته، ثم أخذ عِنانه بيده اليسرى وركب وليحذرْ منه على ذَقَنِه إن كان يبلغه. وأما إن قَصُرَ فليأخذه تحت إبطه ويَرْكب. وللأسْعَد ابن بليط في تُرْس:
مجنٌّ حَكَى صانعوه السماء ... لتقصُرَ عنه طوالُ الرماحْ
وصاغوا مثالَ الثريَّا عليه ... كواكب تَقْضي لنا بالنجاحْ
وقد طَوَّقوه بطوق اللُّجيْنِ ... كما جَلَّلَ الأُفْقَ ضوءُ الصباحْ
الباب العشرون
السلاح والعدة على الإطلاق
واتخاذ السلاح من فَرْضِ الجهاد لقول الله ﷿ وأَعِدُّوا لهُمْ ما اسْتَطَعْتم من قُوَّةٍ (. قال ابن عبَّاس: القوة: السلاح والعدة في سبيل الله. واقتناء ذلك للواجِدِ على قَدْر همته، وعزةِ نفسه إلى ما فيها من الأجر والثواب.
رُوي عن عبد الله بن زجر أن رسول الله ﷺ قال:) مَنْ اتَّخذ عُدَّةً في سبيل الله جُعلت في ميزانه كلَّ غّدَاة (.
وعن عبد الله بن شوذب أن رسول الله ﷺ قال:) تُعْرَضُ أعمال بني آدم كلَّ اثنين، وكلَّ خميس، فمن زاد في سلاحه زِيدَ في حسناته، ومن نَقصَ من سلاحه نُقِصَ من حَسناته (.
والعُدَّة من أسباب القَدَرِ، وأعوان الظَّفَرِ، فما انفسحت المدة قيل للنبي ﷺ: أرأيت دواءً نتداوى به ورُقًى نسترقيها، يَرُدُّ من قدَرِ الله شيئًا؟ فقال: هي مِنْ قدَرِ الله.
فصل
كانت العرب تقول: السيف ظل الموت والرْمْحُ رِشَاءُ المنيَّة، والسهام لا تؤامر مَنْ أرسلها، والدرع مَتْعبة، وإنها لحصن، والترس مِجَنٌّ.
وسأل عَمُ بن الخطاب ﵁ عَمْرو بن مَعْد يكربَ عن السلاح، فقال: يسأل أمير المؤمنين عما بدا له! قال: ما تقول في الرمح؟ قال: أخوك وربما خانك فانقصف. قال: فما تقول في النَّبْل؟ قال: منايا تُخطيء وتصيب. قال: فما تقول في التَرس؟ قال: هو المجنُّ الدائر. وعليه تَدُررُ الدوائر. قال فما تقول في الدِّرع؟ قال: مَثْقَلة للراجل، مَشْغَلة للفارس، وإنها لحِصْنٌ حصين، قال: فما تقول في السيف؟ قال: هنالك قارعتكَ أُمُّك بالثكل! لا أم لك! فضربه عُمَرُ بالدِّرَّة، وقال له: بل لا أم لك! قال: الحُمّى أضرعتني إليك.
وقد جمع العلويُّ وصف الخيل والسلاح، فأحسن حيث يقول:
بحسبيَ من مالي من الخيل أعْيطُ ... سليمُ الشَّظَى عاري النواهق أمْعَطُ
1 / 52