Сон ума: история философии от греческого времени до времени Ренессанса

Мухаммад Тальба Нассар d. 1450 AH
21

Сон ума: история философии от греческого времени до времени Ренессанса

حلم العقل: تاريخ الفلسفة من عصر اليونان إلى عصر النهضة

Жанры

طبقا للأسطورة، كان ديونيسيوس ثمرة علاقة مزدوجة الإثم بين زيوس وبيرسيفوني (وهي مزدوجة الإثم لأن بيرسيفوني نفسها كانت ثمرة علاقة غير شرعية بين زيوس ووالدته). ونصب زيوس ديونيسيوس حاكما للعالم، ولكن الطفل سيئ الطالع قتله التيتان الذين التهموه فأخذهم زيوس بصاعقة من البرق. ومن رماد التيتان ولد الإنسان؛ ومن ثم فهو مزيج من الخير والشر، فجزء منه خير بل في الواقع إلهي لأن البقايا المهضومة من ديونيسيوس كانت في الرماد، والجزء الآخر يحمل الشر لأن ذلك الرماد يأتي من التيتان؛ ولذلك فقد تلوث الإنسان بأفعالهم الآثمة. ويوازي العنصران - المدنس والإلهي - جسد الإنسان الفاني المدنس من ناحية وروحه الخالدة من ناحية أخرى، ولا يساعده على السمو على ما ورثه من إثم سوى التطهر القاسي. ويعتبر الموت الأمل الوحيد للتحرر الكامل من الجسد الذي يعد سجنا يحبس الروح. ورغم ذلك يعتبر الموت أحيانا انتقالا من سيئ إلى أسوأ لأن الأرواح التي لم تتطهر تلقى عقابا شديدا بعد الموت.

وتمثل تلك الأسطورة جوهر قصائد أورفيوس وكتاباته وقصائده الشعرية، وهي النص المقدس للدين الذي بعث به أورفيوس. وكما تعد الديانة الأورفية إحياء أكثر عقلانية لديانة الطوائف الديونيسية والباخوسية فقد كان أيضا أكثر تقشفا منها؛ ولذلك يمكن اعتبار المذهب الفيثاغوري نسخة أكثر عقلانية من الديانة الأورفية.

في عبادة ديونيسيوس، كان الغرض الرئيس من الطقوس الدينية هو الوصول إلى درجة من الاتحاد مع الرب عن طريق إقامة الشعائر، وبعض الطقوس الأخرى التي اشتهرت بالانغماس في ممارسة الجنس أو معاقرة الخمر أو ارتكاب العنف أو أي مزيج بينها. لكن في الديانة الأورفية كانت الطقوس أكثر رسمية واحتشاما واهتماما بإنكار الذات عوضا عن الانغماس في الملذات، ولكنها كانت أيضا هراء لا طائل منه. وثمة صورة نادرة لأتباع الديانة الأورفية - أو على الأقل كيف كان الآخرون يرونهم - في مسرحية يوريبيديس التي تحمل عنوان «هيبوليتوس» والتي قدمت على المسرح بعد وفاة فيثاغورس ببضعة وسبعين عاما، فعندما غضب ثيسيوس من ابنه غير الشرعي هيبوليتوس سخر منه قائلا:

والآن فلتته فخرا بطهارتك وتزه بغذائك الخالي من اللحوم، وتجعل من أورفيوس سيدك ونبيك، وتنغمس في الإعجاب المجنون بمباهاته الخطابية! نعم، لقد افتضح أمرك!

وهناك تطور جديد في الصورة الفيثاغورية للديانة الأورفية ألا وهو أن التطهر ومن ثم الاتحاد مع الرب يتطلبان أن يحيا الإنسان حياة التأمل والتساؤل. وكما قال الفيلسوف هرقليطس (حوالي 540-480ق.م.) فقد «كان فيثاغورس يتساءل أكثر من أي شخص آخر على وجه الأرض.» وقد شمل هذا العديد من الأمور من أهمها الرياضيات. فمن المفترض على الفيثاغوري المخلص قبل كل شيء أن يدرس الأرقام والهندسة وعلم الفلك والموسيقى لأن كلا من تلك العلوم توضح جانبا من مبادئ النظام في الكون.

ولقد آمن الفيثاغوريون بأهمية دراسة الطبيعة من أجل المعرفة المجردة فحسب لا من أجل أية جائزة عملية. ويبدو أنهم كانوا أول من استخدم مصطلح «الفلسفة» للإشارة إلى حب الحكمة لذاتها كما أوضح شيشرون في القصة التالية:

طلب منه ليون (حاكم فليوس وهي أحد مراكز المذهب الفيثاغوري في جنوب شرق اليونان) ... أن يحدد أكثر الفنون التي يعول عليها، ولكن فيثاغورس قال إنه لا يعلم أي شيء عن الفنون بل هو فيلسوف. فتعجب ليون من ذلك المصطلح الجديد وسأله عن ماهية الفلاسفة ... فأجاب فيثاغورس قائلا إن حياة الإنسان تشبه مهرجانا تقام فيه أروع الألعاب ... وإن بعض الرجال في هذا الحفل ... يسعون إلى الظفر بالتاج المجيد، بينما ينجذب آخرون لاحتمال تحقيق الربح عن طريق البيع والشراء. وإن ثمة صنفا معينا من أفضل أصناف الرجال الأحرار الذين لا يسعون لنيل الإطراء ولا لتحقيق الربح، ولكنهم أتوا من أجل مشاهدة الحفل ومعاينة ما يحدث وكيف يحدث. وهكذا نحن البشر، فكأنما أتينا من إحدى المدن إلى حفل مزدحم ... ودخلنا هذه الدنيا فكان منا الطموح ومنا عابد المال، ولكن ثمة القليل ممن أمعنوا النظر في طبيعة الأمور ولم يروا نفعا في غير ذلك، وأطلق هؤلاء الرجال على أنفسهم اسم محبي الحكمة (وهو معنى كلمة فيلسوف). وكما يحدث في عالم الألعاب أخذ هؤلاء الرجال الصادقون يشاهدون الألعاب دون البحث عن أية مآرب لأنفسهم؛ إذ إن تأمل الطبيعة واكتشافها يفوق كل المساعي الأخرى في الحياة.

ثمة فكرة لا شك في انتمائها للديانة الأورفية تتغلغل في التفسيرات الفيثاغورية للتساؤل (وخاصة تلك المتعلقة بأفلاطون في لحظاته الأكثر فيثاغورية) وهي التناقض بين الجسد الفاني الملوث وما يمكن اكتشافه عن العالم من خلال الحواس من ناحية وبين المعرفة الأسمى والأكثر نقاء، والتي يمكن للروح أن تصل إليها من ناحية أخرى. ويمكننا أن نرى ذلك في إحدى الكتابات التي تعود إلى القرن الخامس الميلادي والتي تصف اهتمام فيثاغورس بالهندسة:

إنني أحاكي الفيثاغوريين الذين كانت لديهم عبارة تقليدية تعبر عما أقصده وهي «شكل وقاعدة ارتقاء، لا شكل ومال.» وقد قصدوا بذلك أن الهندسة التي تستحق الدراسة هي تلك التي تقيم مع كل نظرية جديدة منصة للارتقاء عليها، وتسمو بالروح عاليا بدلا من تركها تتدنى إلى مرتبة (الأشياء المادية التي تدركها الحواس) ومن ثم تصبح تالية على الضروريات العامة للحياة الفانية.

وبعبارة أخرى، إذا استخدمت الهندسة لأغراض مادية دنيوية وحسب - كما فعل المصريون القدماء على سبيل المثال لحساب مساحة الأرض - فسوف تظل روحك رهينة الحبس في سجن الجسد المادي؛ فالهندسة بوسعها أيضا أن تقدم للروح وسيلة للفرار إذا استخدمت كموضوع للدراسة الموضوعية المجردة؛ أي إذا درست أولا لاكتشاف الصحيح من النظريات، وهي سلوى لا تجدر إلا بالأرواح الطاهرة. ورغم أن التساؤلات الرياضية للفيثاغوريين قد أتت ثمارها في نهاية الأمر من كل الجوانب العملية فإن دوافعهم لتبنيها كانت أخلاقية أو روحية إلى حد كبير. وقد اعتقد الناس أن إدراك الترتيب المنظم للكون وجماله يسمح بنوع من المشاركة في ذلك النظام وهذا الجمال . ويمكننا القول باختصار إن جزءا من عظمة الكون ينتقل إلى من يدرسه.

Неизвестная страница