ولكن من لي بأن أبين بالحق ... كيف أثارت هذه الصور، على نقصها وقلة اتقانها، عقول جميع المؤتمرين فكانوا ينتفضون حنقا واحتداما ورغبة في الفتك. فلم أضع الفرصة السانحة. ولاح لي أن غضبهم استل منهم كل خوف وحرضهم على كل مغامرة. فمضيت في الخطاب وقلت لهم في كلام وجيز: «كانت المظالم والمغارم، وكان فقدان أموالنا وحريتنا، وتخريب حقولنا ومدائننا، وكان النفي والحروب الأهلية، كل تلك كانت الدرج المخضب بالدماء الذي صعد عليه أغسطس للاستواء في العرش ورمينا بالقوانين الجائرة. ولكن في وسعنا أن نغير هذه الحال المنكودة ما دام هو الباقي وحده من الطغاة الثلاثة. وقد حرم نفسه النصير بقضائه على ضريبيه
11
الخبيثين ليحكم وحده، فإذا ما هلك فلا مولى علينا ولا منتقم له منا. وبعثت روما ببعث حريتها. وحق لنا أن نسمى بالرومانيين يوم نحطم بأيدينا النير الذي يرهقها ...
النهزة سانحة لننتهزها غدا ...
سيذهب إلى الكابيتول لتقريب القربان، فليكن هو الضحية. ولنقم هناك ميزان العدل للناس بمشهد من الآلهة ...
لن يحيط به غير جنودنا. ومن يدي سيتناول البخور والجام.
12
فأريد أن تكون الإشارة الخنجر أغمده في صدره بهذه اليد عوضا عن البخور ... وستريكم الضربة القاتلة أني سليل بومبيوس العظيم. ثم أروني بعد ذلك أنتم كيف تحفظون الذكرى لأجدادكم الأمجاد.
فما انتهيت من خطابي حتى جد كل واحد منهم، بالقسم النبيل، نذر الأمانة والوفاء..
راقهم اختيار الفرصة، ولكن تطلع كل منهم إلى شرف الضربة الأولى التي آثرت بها نفسي، ثم دال العقل من سورة الحمية فجرى الاتفاق على أن يستوثق مكسيم ونصف الجند من حراسة الباب، وأن يتبعني النصف الآخر متأهبا لأول إشارة تبدر مني.
Неизвестная страница