ومن ذلك تتضح لنا مزية الإيمان باليوم الآخر ووخامة التكذيب به بما لا مجال للشك فيه . وبالطبع إذا كان الحارث واثقا بنتيجة كده ، وعرق جبينه يوم الحصاد فلا محالة يزيد بقدر ذلك كدا في عمله وجدا في سعيه ونشاطا في جميع حركاته ، الرجاء يقوده والخوف من الخسارة يسوقه ونور البصر يهديه وحسن التدبير يشده . يرى أن التعب في ذلك راحة والألم فيه لذة حتى يحصد مزرعة كده بيمينه فيعيش إذ ذاك ناعم البال قرير العين . وبالعكس إذا لم يؤمن بحصول النتيجة ولم يكن واثقا باقتطاف الثمرة فانه يعيش الكسل حليفه والفشل أليفه مستسلما لليأس والقنوط لا يعمل ولا يفسح الطريق للعاملين تنتعش روحه عندما يسود الكسل والبطالة وتختنق أنفاسه ، اذا انطلقت النفوس من عقولها وهبت للسعي والعمل فيحيى حياة الذل والمهانة والصغار كذلك حال المؤمن باليوم الآخر والمكذب به فإما صلاح واستقامة فنعيم مقيم ، واما صلاح وندامة في نار وجحيم . فبقدر ما ترسخ عقيدته ويقوى إيمانه باليوم الآخر يتم رشده وتكمل استقامته وبقدر ما تقرق عقيدته ويضعف إيمانه به يضيع رشده ويكثر ضلالة وهل يمكن للمرء أن ينقاد لما تسول له نفسه الأمارة من اقترا ف محظور أو ترك واجب وهو متشبع إيمانا بان أمامه دار عذاب للعاصي ودار نعيم للطائع اللهم إلا إذا كان في إيمانه بذلك ضعف وخلل وهذا ما يجب أن يتفقده المسلم من كل يوم حتى يكون على بصيرة أمره أن يصبح أمام أمر واقع.
Страница 20