Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Жанры
لقد كانت دراسة اللغة عند أرسطو مبحثا فلسفيا هاما. وكان أفلاطون قد بدأ البحث في هذا الميدان في محاورتي «تيتاتوس» و«السفسطائي»، بل إن من المفاهيم الرئيسية في الفلسفة اليونانية مفهوم «اللوجوس
Logos »، وهو لفظ نصادفه لأول مرة في هذا السياق عند فيثاغورس وهرقليطس، ولهذا اللفظ معان متعددة، منها:
الكلمة، المقدار، الصيغة، البرهان، التحليل. ولا بد لنا من أن نتذكر هذه المعاني المتعددة إذا ما أردنا أن نستوعب روح الفلسفة اليونانية. وواضح أن لفظ «المنطق
Logos » مشتق من هذا الأصل؛ لأن المنطق هو علم «اللوجوس».
غير أن للمنطق مركزا فريدا على نحو ما؛ فهو لا يماثل بالضبط ما نطلق عليه عادة اسم العلوم، ولقد ميز أرسطو بين ثلاثة أنواع من العلوم تبعا للهدف الرئيسي الذي يحققه كل نوع منها؛ فالعلوم النظرية تزودنا بالمعرفة بالمعنى الذي تكون فيه المعرفة مضادة للظن، وأوضح مثال لها هو الرياضة، وإن كان أرسطو يدرج ضمنها الفيزياء والميتافيزيقا. وهو يفهم الفيزياء بمعنى لا يعادل بالضبط المعنى الذي نفهمه اليوم؛ فهي أقرب إلى أن تكون دراسة عامة للمكان والزمان والسببية، وهي دراسة يندرج جزء منها تحت باب الميتافيزيقا، أو حتى المنطق ذاته مفهوما بمعنى أوسع.
وتلى ذلك العلوم العملية كالأخلاق التي تستهدف تنظيم سلوك الإنسان في المجتمع، وأخيرا العلوم الإنتاجية، التي تهدف إلى توجيهنا نحو إنتاج موضوعات مفيدة أو ممارسة الفنون، على أن المنطق لا يدخل على ما يبدو ضمن إطار أي من هذه العلوم؛ لذلك لم يكن علما بالمعنى المعتاد، وإنما هو طريقة عامة للتعامل مع الأشياء تعد أمرا لا غناء عنه للعلم؛ فهو يزودنا بمعايير للتمييز والبرهان، ويمكن أن يعد أداة نستعين بها في البحث العلمي. وهذا هو معنى الكلمة اليونانية «أورجانون»، التي استخدمها أرسطو حين كان يتحدث عن المنطق، أما لفظ المنطق ذاته فقد وضعه الرواقيون فيما بعد. وأما عن دراسة صورة البرهان، فقد أطلق عليها أرسطو اسم التحليلات
analyties
التي تعني حرفيا «تحرير»، أما الشيء الذي نحرره لكي نفحصه فهو تركيب البرهان.
وعلى الرغم من أن المنطق له علاقة بالألفاظ، فإنه عند أرسطو لا يختص بالألفاظ وحدها؛ ذلك لأن معظم الألفاظ علامات اعتباطية تدل على أشياء غير لفظية. فالمنطق إذن مختلف عن النحو، وإن كان من الممكن أن يؤثر المنطق في علم النحو كذلك فإن المنطق مختلف عن الميتافيزيقا؛ لأنه لا يتعلق بالوجود بقدر ما يتعلق بطريقة معرفتنا له، وهنا يكون لرفض أرسطو لنظرية المثل أهمية خاصة؛ إذ إن من يعتنق هذه النظرية قد ينظر إلى المنطق بالمعنى الضيق الذي نبحثه على أنه هو ذاته الميتافيزيقا، أما أرسطو فيراهما متميزين. وقد استعان في محاولته حل مشكلة الكليات بما يمكننا أن نسميه بالتصورات، التي تتميز عن المثل بأنها لا توجد في عالم خاص بها.
وأخيرا، فإن المنطق مختلف عن علم النفس. وتكشف لنا الرياضيات عن هذا الفارق بوضوح؛ فالترتيب الاستنباطي لكتاب إقليدس في الهندسة شيء، والمسارات الذهنية المتعرجة التي ينطوي عليها التفكير الرياضي المؤدي إلى كشف هذه المعرفة شيء آخر مختلف كل الاختلاف. أي إن البناء المنطقي للعلم وسيكولوجية البحث العلمي شيئان متميزان ومنفصلان وكذلك الحال في علم الجمال؛ حيث لا تكون لمزايا أي عمل فني علاقة بالأحوال النفسية التي تحكمت في إنتاجه.
Неизвестная страница