Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Жанры
ووظيفة الجدل (الديالكتيك) هي البحث في أي هذه الصور، أو «الأنواع العليا» يتجمع، وأيها لا يتجمع، فالحركة والسكون كما رأينا من قبل لا يتجمعان معا، ولكن كلا منهما يتجمع مع الوجود، أي إن كلا منهما يوجد. كذلك فإن الحركة تكون مماثلة لذاتها، ولكنها مختلفة عن السكون. فالمماثلة أو الهوية، والاختلاف أو الآخرة، يسريان على كل شيء، شأنهما شأن الوجود؛ ذلك لأن كل شيء مماثل لذاته، أو في هوية مع ذاته، ومختلف عن جميع الأشياء الأخرى.
ويمكننا الآن أن ندرك المقصود باللاوجود؛ ففي وسعنا أن نقول إن الحركة تكون ولا تكون؛ ذلك لأنها «تكون» الحركة، ولكنها لا تكون السكون، وبهذا المعنى يكون اللاوجود على نفس مستوى الوجود، ولكن من الواضح أن اللاوجود الذي نتحدث عنه هنا لا ينبغي أن يفهم بمعنى تجريدي كامل؛ فهو «ألا يكون» الشيء كذا وكذا، أو على الأصح أن يكون غير كذا وكذا،
11
وهكذا كشف أفلاطون عن مصدر الصعوبة، الذي يمكننا التعبير عنه بلغة حديثة، فنقول إن من الضروري التمييز بين الاستخدام الوجودي للفظ «يكون» واستخدامه بوصفه رابطة في قضية. والاستخدام الثاني هو المهم من وجهة النظر المنطقية.
وعلى هذا الأساس نستطيع الآن تقديم تعليل بسيط للخطأ؛ فالحكم الصحيح هو أن نحكم على شيء ما بأنه على ما هو عليه. أما لو حكمنا على شيء بأنه على غير ما هو عليه، لكان ذلك حكما باطلا، ولارتكبنا خطأ، وربما اندهش القارئ حين يرى أن حصيلة هذه المناقشة ليست أخطر ولا أعقد من ذلك، ولكن هذا يصدق على أية مشكلة بمجرد أن نعرف حلها.
ولنلاحظ في الختام أن مشكلة «تيتاتوس» قد تم التخلص منها خلال ذلك، بل إن هذه المشكلة ليست سؤالا صحيحا. فلا بد لنا من الالتزام بالأحكام، وهذه كما نرى الآن قد تكون صحيحة أو باطلة، ولكن كيف نعرف إن كان أحد الأحكام على هذا النحو أو ذاك؟ الرد هو أنه يكون صحيحا إذا كانت الأشياء ذاتها كذلك، ولا يكون إذا لم تكن، فليس ثمة معيار شكلي يضمن لنا عدم ارتكاب الخطأ.
ويتيح لنا التفسير الذي قدمناه لمشكلة اللاوجود، أن نتخلص من الآن فصاعدا من مشكلة التغير؛ ذلك لأنه يوضح نظرية هرقليطس وينزع عنها طابع التناقض الظاهري. ومع ذلك فإن لدى أفلاطون نظرية أخرى في التغير ترتبط مباشرة بكل من المذهب الذري والفيزياء الرياضية كما نعرفهما اليوم، وهو يعرض هذه النظرية في محاورة «طيماوس»، وهي محاورة أخرى تنتمي إلى المرحلة الأخيرة والناضجة من فكر أفلاطون، ونظرا إلى أن تقديم وصف للنظريات التي تعرضها المحاورة عن نشأة الكون سوف يمضي بنا بعيدا، فإننا نكتفي بأن نشير إلى أن المحاورة تتضمن قدرا كبيرا من الآراء الفيثاغورية المتطورة، مع بعض تلميحات عن التفسير الصحيح لحركة الكواكب، بل إنه ليمكن القول إن الفرض القائل بأن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية ربما كان من اكتشافات الأكاديمية. وتعالج المحاورة عددا كبيرا من المسائل العلمية الأخرى، ولكن ينبغي علينا أن نتركها جانبا، وننتقل إلى ما يمكن تسميته بالنظرية الذرية الهندسية أو الرياضية عند أفلاطون. فتبعا لهذا الرأي يتعين علينا أن نقوم بتمييز ثلاثي بين الصورة والمادة الأساسية، والحقيقة الجسمية للعالم المحسوس، والمقصود بالمادة الأساسية هنا هو المكان الخالي فحسب. أما الواقع المحسوس فهو حصيلة الجمع بين الصور والمكان الذي تنطبع عليه هذه الصور على نحو ما. وعلى ذلك يكون لدينا وصف للعالم المادي؛ الفيزيائي منه والبيولوجي، على أساس العناصر الأربعة. ولكن هذه بدورها تعد الآن أجساما هندسية تتألف من نوعين من المثلثات الأولية؛ ذلك الذي يتألف من نصف مثلث متساوي الأضلاع، والمثلث القائم الزاوية متساوي الساقين، الذي يشكل نصف مربع، ومن هذين المثلثين نستطيع أن نكون أربعة من الأنواع الخمسة المنتظمة للأجسام الجامدة؛ فالشكل الرباعي الأوجه هو الجزيء الأساسي للنار، والمكعب هو جزيء التراب، والمثمن جزيء الهواء، والشكل ذو العشرين وجها جزيء الماء، وعن طريق تفتيت هذه الأجسام إلى مثيلاتها المكونة، وإعادة ترتيبها نستطيع أن نحدث تحولا من أحد هذه العناصر إلى الآخر. كذلك فإن الجزئيات النارية التي لها أطراف حادة تتغلغل في الأجسام الأخرى، أما الماء فيتألف من جزيئات أنعم بكثير، ومن هنا كانت مرونة السوائل.
والواقع أن نظرية التحول التي تعرض ها هنا تستبق النظريات الفيزيائية الحديثة بصورة ملفتة للنظر؛ فأفلاطون يتجاوز كثيرا الذرية المادية عند ديمقريطس. ومن الواضح أن المثلثات الأساسية عنده هي المقابل لما يطلق عليه في الفيزياء الحديثة اسم الجزيئات الذرية أو الأولية، التي هي مكونات الجزيئات الأساسية، ولنلاحظ أيضا أن هذه الجزيئات لا تسمى ذرات. ولو كان هذا اللفظ قد استخدم لكان في ذلك - بالنسبة إلى أي يوناني - خروج صارخ عن معاني الألفاظ، وما زال الأمر كذلك إلى الآن؛ فكلمة «ذرة
atom » تعني حرفيا شيئا لا يتجزأ، أما الشيء الذي يتألف من أشياء أخرى فلا ينبغي إن شئنا الدقة أن نسميه ذرة.
في هذه النواحي يظهر أفلاطون على أنه يستبق التراث الأساسي للعلم الحديث؛ فالرأي القائل إن كل شيء يمكن رده إلى الهندسة، أصبح يقول به ديكارت صراحة، كما يقول به أينشتين، ولكن بصورة مختلفة، وبطبيعة الحال فإن اقتصار أفلاطون على أربعة عناصر هو تقييد لنظريته بمعنى ما، ولكن سبب هذا الاختيار هو أن ذلك كان الرأي السائد في عصره، والشيء الذي حاول أفلاطون القيام به هو أن يقدم تعليلا أو تفسيرا لهذا الرأي كيما يحفظ الظاهر، وكان الفرض الذي استخدمه في ذلك رياضيا. وكما رأينا من قبل فإن الفكرة القائلة بأن العالم قابل للفهم في نهاية الأمر على أساس العدد، كانت جزءا من النظرية الفيثاغورية التي أخذ بها أفلاطون، وهكذا يكون لدينا نموذج رياضي للتفسير الفيزيائي، وهذا بعينه هو، من حيث المنهج، هدف الفيزياء الرياضية الحاضرة.
Неизвестная страница