Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Жанры
noumena » في مقابل المظاهر أو الظواهر
phenomena . وتبعا لنظرية كانت يستحيل أن تكون لدينا تجربة بالشيء في ذاته، ما دامت كل تجربة تحدث عن طريق تضافر المكان والزمان والمقولات (مع أي عنصر خارجي). وأقصى ما يمكننا التوصل إليه هو أن نستدل على وجود هذه الأشياء في ذاتها من المصدر الخارجي المفترض للانطباعات. ولكن لو شئنا الدقة لكان هذا نفسه مستحيلا، ما دمنا لا نملك طريقة مستقلة لاكتشاف وجود مثل هذه المصادر، وحتى لو كانت لدينا طريقة كهذه لظللنا عاجزين عن القول بأنها تسبب انطباعاتنا الحسية. ذلك لأننا لو تحدثنا عن السببية لكان معنى ذلك أننا عدنا إلى الدخول في شبكة التصورات القبلية التي تمارس عملها في إطار الفهم. وهنا تعود الصعوبة التي واجهها لوك مرة أخرى، فمثلما أن نظرية لوك لا تسمح له بالتحدث عن عالم خارجي يؤدي إلى ظهور أفكار الإحساس، فكذلك لا يحق لكانت التحدث عن أشياء في ذاتها على أساس أنها هي التي تسبب الظواهر.
إن الشيء في ذاته، الذي هو خارج المكان والزمان، هو كيان ميتافيزيقي يهدف إلى تمكيننا من تجنب نزعة الشك والاعتراف بمجال للتجربة يمكن وصفه بأنه مشترك بين الذوات
inter-subjective
على الأقل، على الرغم من أن نظرية المعرفة عند كانت تتسم بقدر من الذاتية. ولقد اضطر كانت إلى اتخاذ هذا الموقف لأنه لا يقبل وجود المكان والزمان على نحو مستقل، ولو حذفنا هذين الاثنين من قائمة التصورات القبلية لما أصبح هناك داع للشيء في ذاته. ولا شك أن هذا شيء يمكن القيام به دون مساس بنظرية المقولات عند كانت. غير أن هناك سببا آخر مختلفا كل الاختلاف، جعل الأشياء في ذاتها ضرورية بالنسبة إلى كانت، وأعني به نظريته الأخلاقية التي سننتقل إليها بعد قليل، ولكن لنلاحظ الآن أن الشيء في ذاته يقع خارج نطاق التصورات والمبادئ القبلية تماما ... والواقع أن من أخطار استخدام هذه التصورات بطريقة نظرية، أننا قلما نتجاوز الحدود التي تنطبق خلالها هذه التصورات القبلية بطريقة مشروعة. وأعني بهذه الحدود ميدان التجربة. فلو تجاوزنا هذا الميدان لدخلنا في مجال عقيم هو الميتافيزيقا والديالكتيك، الذي يحمل في نظر كانت معنى مذموما.
غير أن كتاب «نقد العقل الخالص» لا يعالج إلا مسألة واحدة من بين المسائل الرئيسية الثلاث التي تفرض نفسها علينا. فهو يرسم حدود المعرفة ولكنه لا يعرض لموضوعي الإرادة وما يطلق عليه كانت اسم «الحكم». وأول هذين الموضوعين يدخل في نطاق الأخلاق، ويعالج في كتاب «نقد العقل العملي». أما الحكم فيستخدمه كانت بمعني تقدير الأهداف أو الغايات ، وهو موضوع كتاب «نقد ملكة الحكم» الذي لن نعرض له ها هنا، ولكن لنتأمل بإيجاز نظرية كانت الأخلاقية كما ناقشها في «نقد العقل العملي» وفي «ميتافيزيقا الأخلاق».
إن الإرادة توصف بأنها ذات طابع عملي بالمعنى الذي يكون به الفعل أو السلوك مقابلا لعملية المعرفة النظرية. ولا بد أن تفهم كلمتا «النظري»
theoretical ، و«العملي»
practical
في هذا السياق بمعناهما الأصلي في اللغة اليونانية، من حيث هما يرتبطان، على التوالي، «بالرؤية» و«الفعل». وهكذا فإن السؤال الأساسي للعقل العملي هو: كيف ينبغي أن نسلك؟ هنا أيضا يقوم كانت بنوع من الثورة؛ ذلك لأنه إذا كانت الأخلاق قد ظلت من قبل تفترض دائما أن الإرادة تحكمها مؤثرات خارجية، فإن كانت يفترض أنها تعطي نفسها قانونها الخاص، وبهذا المعنى يمكن وصف الإرادة بأنها مستقلة استقلالا ذاتيا، فإذا أردنا أن نصل إلى مبادئ عامة للسلوك، فإننا لن نهتدي إليها في الأهداف أو الأسباب الخارجية، بل ينبغي البحث عنها داخلنا؛ وذلك لكي نتوصل إلى ما يسميه كانت بالقانون الأخلاقي. ولكن من الواضح أن هذا القانون الأخلاقي لا يمكن أن يكون قوامه أوامر جزئية محددة. فهذا القانون لا يمكنه أن يدلنا على الطريقة التي ينبغي أن نسلك بها في أية حالة محددة، لأن هذا بعينه ما ينبغي علينا، وفقا لمبدأ الاستقلال الذاتي، أن نتجنبه، وبذلك يتبقى لدينا مبدأ شكلي بحت، خال من أي مضمون تجريبي، هو ما يطلق عليه كانت اسم الأمر المطلق
Неизвестная страница