Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте

Фуад Закария d. 1431 AH
170

Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте

حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي

Жанры

ولقد كان من السمات الرئيسية للاتجاه الليبرالي احترامه للفردية. وكان اللاهوت البروتستانتي قد أكد أنه ليس من حق السلطة وضع القوانين في الأمور المتعلقة بالضمير، وتغلغلت هذه النزعة الفردية ذاتها في الميدانين الاقتصادي والفلسفي؛ ففي الاقتصاد تمثلت في مبدأ دعه يعمل

Laissez-Faire

الذي قام «مذهب المنفعة» في القرن التاسع عشر من أجل تبريره عقليا. وفي الفلسفة أدى إلى تأكيد الاهتمام بنظرية المعرفة، التي انشغل بها الفلاسفة كثيرا منذ ذلك الحين. وكانت عبارة ديكارت الشهيرة «أنا أفكر إذن فأنا موجود.» معبرة بوضوح عن هذه النزعة الفردية، لأنها ترد كل فرد إلى وجوده الشخصي بوصفه أساسا للمعرفة.

ولقد كانت هذه النزعة الفردية في أساسها نظرية عقلانية، وكان العقل يعد ذا أهمية قصوى، بينما كان ينظر إلى تحكم الانفعالات والأهواء في المرء على أنه علامة على انعدام التحضر. أما في القرن التاسع عشر فقد توسع المفكرون في النزعة الفردية بحيث أصبحت تشمل الانفعالات ذاتها، وأدت، خلال ذروة الحركة الرومانتيكية، إلى ظهور عدد من فلسفات القوة التي كانت تعلي من قدر الإرادة الذاتية للأقوى؛ مما أدى بطبيعة الحال إلى شيء مضاد تماما لليبرالية. بل إن مثل هذه النظريات تهدم نفسها بنفسها، ما دام الشخص الذي ينجح لا بد له أن يحطم السلم الذي قاده إلى النجاح، خوفا من منافسة أشخاص آخرين يعادلونه طموحا.

ولقد كان للنزعة الليبرالية تأثيرها في المناخ العقلي لدى الرأي العام، ومن هنا لم يكن من المستغرب أن نجد بعضا من المفكرين يتخذون موقفا ليبراليا في نظرياتهم السياسية، مع أنهم يعتنقون في الميادين الأخرى آراء فلسفية مختلفة عنها اختلافا جذريا، فقد كان اسبينوزا ليبراليا بقدر ما كان التجريبيون الإنجليز.

وبظهور المجتمع الصناعي في القرن التاسع عشر، أصبحت الليبرالية مصدرا قويا للإصلاح الاجتماعي لأوضاع الطبقات العاملة المستغلة استغلالا قاسيا. وفيما بعد تولت هذه المهمة قوى كثر نضالية، هي قوى الحركة الاشتراكية الصاعدة، وظلت الليبرالية على وجه العموم حركة بلا عقيدة جامدة. ومن المؤسف أنها، من حيث هي قوة سياسية، أصبحت الآن مستهلكة تماما. فمن سمات عصرنا الحالي التي تدعو إلى الأسى، والتي ربما كانت حصيلة الكوارث العالمية المتلاحقة في هذا القرن، أن معظم الناس لم يعودوا يجدون في أنفسهم الشجاعة ليعيشوا بدون عقيدة سياسية جامدة صارمة.

لقد أدت أعمال ديكارت الفلسفية إلى تيارين رئيسيين للتطور: أحدهما هو إحياء التراث العقلي، الذي كان أكبر دعاته في القرن السابع عشر اسبينوزا وليبنتس . والثاني ما يطلق عليه بوجه عام اسم التجريبية الإنجليزية. ولكن من المهم ألا نستخدم هذين الوصفين (العقلية والتجريبية) بطريقة مفرطة في التحجر. ذلك لأن من أكبر العقبات التي تعترض طريق الفهم في الفلسفة، بل في أي ميدان آخر، تصنيف المفكرين بطريقة عمياء مفرطة في الجمود، وفقا لأوصاف ثابتة نطلقها عليهم. ومع ذلك فإن التقسيم المألوف ليس جزافيا، وإنما يشير إلى بعض السمات البارزة في كلا التراثين. ويظل هذا الحكم صحيحا حتى على الرغم من أن التجريبيين الإنجليز قد كشفوا، في نظريتهم السياسية، عن نزعة عقلية واضحة في تفكيرهم.

كان الممثلون الثلاثة العظام لهذه الحركة، وهم لوك

Locke ، وباركلي

Berckeley

Неизвестная страница