Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте

Фуад Закария d. 1431 AH
134

Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте

حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي

Жанры

بابا لهم، وقد عاد هذا البابا الفرنسي إلى أفينيون، واستمر الانشقاق الكبير الذي ترتب على ذلك حتى انعقد مجلس كونستانس، فقد أيد الفرنسيون البابا المنتمي إليهم في أفينيون، على حين أن الإمبراطور اعترف بالبابا المقيم في روما، ولما كان كل بابا يعين كاردينالاته الذين يقومون بدورهم بانتخاب خليفته، فإن الصدع لم يكن من الممكن رأبه، وقد بذلت محاولة للخروج من هذا المأزق عن طريق عقد مجلس في بيزا عام 1409م، وأعلن عزل البابوين الموجودين، وانتخب بابا آخر يوفق بينهما، غير أن المعزولين لم يستسلما، بحيث أصبح هناك ثلاثة باباوات بدلا من اثنين، وأخيرا استطاع مجلس كونستانس الذي عقد عام 1414م أن يستعيد بعض النظام، فخلع البابا الذي عينه المجلس السابق، وأمكن الضغط على البابا الموجود في روما لكي يستقيل، ودب الانحلال في جماعة أفينيون لعدم وجود دعم لهم نظرا لتصاعد النفوذ الإنجليزي في فرنسا، وفي عام 1417م عين المجلس مارتين الخامس، وبذلك وضع حدا للانشقاق الكبير، غير أن الكنيسة لم تنجح في إصلاح نفسها من الداخل، كما أن معارضة البابا لحركة المجالس أدت إلى إضعاف أية هيبة كان البابا لا يزال يتمتع بها.

وفي إنجلترا مضى جون ويكليف

John Wycliffe (حوالي 1320-1384م) شوطا أبعد في معارضته روما. وكان ويكليف مواطنا ليوركشير، وباحثا ومعلما في أكسفورد. ومن الجدير بالملاحظة أن إنجلترا قد ظلت منذ وقت طويل أقل خضوعا لروما من بقية بلاد القارة، وكان وليام الفاتح قد اشترط منذ البداية ألا يعين أي أسقف في مملكته إلا بموافقة الملك.

وكان ويكليف قسا دنيويا، وتعد أعماله الفلسفية الخالصة أقل أهمية من أعمال الفرنسسكان. وقد تخلى عن نزعة أوكام الاسمية، وكان ميالا إلى نوع من الواقعية الأفلاطونية، وعلى حين أن أوكام قد نسب إلى الله حرية وقدرة مطلقة، فإن ويكليف كان يميل إلى أن يرى الأمر الإلهي ضروريا وملزما له، ولا يمكن أن يكون العالم على خلاف ما هو عليه، وهو رأي كان مستوحى كما هو واضح من المذهب الأفلاطوني الجديد، وقد عاد إلى الظهور في القرن السابع عشر في فلسفة اسبينوزا، وفي أخريات حياة ويكليف أصبح يعارض الكنيسة، وذلك أولا بسبب طريقة الحياة الدنيوية التي كان ينغمس فيها البابوات والأساقفة، في الوقت الذي كانت فيه جماهير المؤمنين تعاني من فقر مدقع، وفي عام 1376م أعرب عن رأي جديد في الحكم المدني خلال مجموعة محاضرات ألقاها في أكسفورد.

فالأتقياء وحدهم هم الذين يحق لهم أن يطالبوا بالملكية والسلطة. أما رجال الدين فبقدر ما يخفقون في هذا الاختبار، يكونون في الواقع مغتصبين لممتلكاتهم، وهو أمر ينبغي أن تحسمه الدولة. وعلى أية حال فإن الملكية شر، وإذا كان المسيح وحواريوه لم يتملكوا شيئا فلا ينبغي أن يكون لرجال الدين شيء من ذلك الآن، على أن هذه الآراء لم تكن تروق لرجال الدين من أصحاب الممتلكات، وإنما وجدت قبولا لدى الحكومة الإنجليزية التي كان عزمها قد استقر على عدم دفع الجزية الباباوية. وحين أدرك البابا جريجوري الحادي عشر أن آراء ويكليف المارقة تتفق وآراء مارسيليو من بادوا، أمر بإجراء محاكمة، ولكن مواطني لندن أوقفوا سيرها بالقوة. وفضلا عن ذلك فإن الجامعة أكدت حريتها الأكاديمية في إطاعة الملك، وأنكرت على البابا سلطة تقديم أساتذتها إلى المحاكمة. وبعد الانشقاق الكبير ذهب ويكليف إلى حد إعلان البابا عدوا للمسيح، ونشر بمساعدة بعض أصدقائه صيغة إنجليزية للإنجيل الشعبي. وأسس طريقة دنيوية ينضم إليها فقراء القسس، الذين يشتغلون وعاظا جوالين متفانين في خدمة الفقراء. وفي النهاية ندد بعقيدة تحول جسد المسيح، كما فعل زعماء الإصلاح الديني فيما بعد. وخلال ثورة الفلاحين عام 1381م، ظل ويكليف محايدا، وإن كان ماضيه قد زكاه ليكون متعاطفا مع الثوار، ومات في لترورث عام 1384م، وإذا كان قد أفلح خلال حياته في الإفلات من الاضطهاد، فإن مجلس كونستانس قد انتقم من رفاته، كما استأصل أتباعه الإنجليز الذين يطلق عليهم اسم «اللولارد

Lollards » بلا رحمة، وفي بوهيميا ألهمت تعاليمه الحركة الهوسية

Hussite

التي ظلت باقية حتى عصر الإصلاح الديني.

لو تساءلنا عن الفارق الأساسي بين النظرة اليونانية ونظرة العصور الوسطى إلى العالم لأمكننا القول إن الأولى لم تكن تنطوي على شعور بالخطيئة. فالإنسان عند اليونانيين لا يبدو في صورة من يحمل عبئا شخصيا موروثا من الإحساس بالإثم. صحيح أنهم ربما لاحظوا أن الحياة في هذه الدنيا شيء محفوف بالخطر، يمكن أن يسحق بفعل نزوة من نزوات الآلهة. غير أن هذا لم يكن يتصور أبدا على أنه قصاص حق وعدل على شرور ارتكبت في الماضي ، وترتب على ذلك أن العقل اليوناني لم يعرف مشكلة الخلاص أو النجاة، ومن هنا كان التفكير الأخلاقي لليونانيين في عمومه بعيد الصلة عن الميتافيزيقا، أما في العصور الهلينستية، وخاصة عند الرواقيين، فقد تسللت إلى الأخلاق نغمة استسلام قانع انتقلت فيما بعد إلى الفرق المسيحية الأولى، ولكن مجمل القول إن الفلسفة اليونانية لم تواجه بمشكلات لاهوتية، ومن ثم ظلت دنيوية تماما .

أما عندما سيطرت العقيدة المسيحية على الغرب، فقد طرأ على الموقف الأخلاقي تغير جذري؛ ذلك لأن المسيحي نظر إلى الحياة الأرضية على أنها مرحلة إعداد لحياة آتية أعظم شأنا، ونظر إلى تعاسة الحياة البشرية على أنها امتحان فرض عليه؛ لكي يطهره من وزر الخطيئة الذي ورثه منذ مولده. غير أن هذه في الحقيقة مهمة تفوق طاقة البشر، فلكي يجتاز الإنسان الامتحان بنجاح، يحتاج إلى المعونة الإلهية التي قد تستجيب أو لا تستجيب، وبينما كانت الفضيلة عند اليونانيين هي في ذاتها مكافأة وجزاء لنفسها، فإن المسيحي يتعين عليه أن يكون فاضلا لأن الله يأمره بذلك، وبالرغم من أن اتباع طريق الفضيلة الضيق قد لا يضمن في ذاته الخلاص، فإنه على أية حال شرط ضروري له. وبالطبع فإن بعض هذه التعاليم ينبغي أن يؤخذ على أساس الثقة والإيمان، وهذه هي الحالات التي تتدخل فيها المعونة الإلهية قبل غيرها؛ ذلك لأن الفضل الإلهي هو الذي يكسب الإنسان الإيمان، ومن ثم يجعله يلتزم بأحكامه. أما أولئك الذين يعجزون عن أن يخطوا هذه الخطوة الأولى ذاتها، فإن اللعنة تلحقهم إلى الأبد.

Неизвестная страница