Мудрость Запада (Часть первая): Исторический обзор западной философии в ее социальном и политическом контексте
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Жанры
الذي أصبح هو الصيغة المعترف بها رسميا من الكنيسة، وقد ترجم الأناجيل عن الأصل اليوناني خلال إقامته الأخيرة في روما، أما بالنسبة إلى العهد القديم، فقد رجع إلى المصادر العبرية، وهي مهمة اضطلع بها في الفترة الأخيرة بمساعدة باحثين من اليهود.
ولقد أصبح لجيروم، بفضل أسلوب حياته، تأثير قوي في تشجيع حركة الرهبنة التي كانت تزداد قوة في ذلك الوقت. فقامت مجموعة المريدين الرومان الذين اصطحبوه إلى بيت لحم بتأسيس أربعة أديرة هناك. وقد كتب، مثل أمبروز، عددا كبيرا من الرسائل، كان الكثير منها موجها إلى فتيات، يحثهن فيها على التزام طريق العفة والفضيلة. وعندما نهب الغزاة القوط روما في عام 410م، كان موقفه على ما يبدو استسلاميا، وظل مشغولا بامتداح قيمة العذرية أكثر من البحث عن وسيلة لإنقاذ الإمبراطورية.
أما أوغسطين فقد ولد في مقاطعة نوميديا
Numidia ، وتلقى تعليما رومانيا كاملا، وسافر في سن العشرين إلى روما ومعه عشيقته وطفلهما، وبعد قليل نجده في ميلانو حيث كان يرتزق من التدريس. أما من الوجهة الدينية فكان خلال هذه الفترة مانويا، غير أن التأنيب الدائم لضميره وصرامة أمه، دفعاه في النهاية إلى حظيرة الدين القويم، فعمده أمبروز في عام 387م، وعاد إلى أفريقيا، حيث أصبح أسقفا لمدينة هيبوه
Hippo ، وظل هناك إلى أن مات في عام 430م.
ويقدم إلينا أوغسطين في كتابه «الاعترافات» وصفا شيقا لصراعه مع الخطيئة، وقد ظلت حادثة وقعت له في حداثته راسخة في ذهنه طوال حياته، على الرغم من تفاهتها، فقد سرق ذات مرة شجرة كمثرى من حديقة أحد الجيران، وذلك بدافع السلب المتعمد، وعمل انشغاله المرضي بالخطيئة على تضخيم هذا الخطأ إلى حد أنه لم يستطع أبدا أن يغتفره لنفسه. ويبدو أن العبث بأشجار الفاكهة هو في كل العصور عملية لا تخلو من مخاطر، وعلى حين أن حالة الإثم والخطيئة كانت في العهد القديم تعد عيبا يتسم به شعب بأسره، فقد تحولت بالتدريج في نظر الناس إلى نقيصة في الفرد ذاته، وكان هذا التحول أساسيا بالنسبة إلى المسيحية؛ لأن الكنيسة بوصفها مؤسسة لا يمكن أن تخطئ، وإنما المسيحيون الأفراد هم الذين يمكن أن يرتكبوا خطايا. والواقع أن أوغسطين قد استبق البروتستانتية بتأكيده لذلك الجانب الفردي، أما الكاثوليكية فكانت تنظر إلى وظيفة الكنيسة على أنها هي الشيء الأساسي. ولقد كان أوغسطين يرى أن للجانبين معا أهميتهما؛ فالإنسان من حيث هو في جوهره عاص آثم، يحقق الخلاص بتوسط الكنيسة. غير أن أداء الشعائر الدينية، بل والتزام الحياة الفاضلة لا يكفيان لضمان الخلاص.
ذلك لأنه لما كان الله خيرا، والإنسان شريرا، فإن منح الخلاص فضل إلهي، على حين أن منعه ليس بالشيء الذي يستحق اللوم، وهنا نجد نظرية قدرية أخذتها اللاهوتية الإصلاحية المتزمتة فيما بعد. ومن ناحية أخرى فإن رأيه القائل إن الشر ليس مبدأ أساسيا، كما اعتقد المانويون، وإنما هو نتيجة إرادة شريرة، كان فكرة قيمة أخذت بها العقائد الإصلاحية فيما بعد، وهي أساس مفهوم المسئولية في البروتستانتية.
أما مؤلفات أوغسطين اللاهوتية فكانت تستهدف أساسا الجدل مع الآراء الأكثر اعتدالا، التي قال بها بلاجيوس
، وقد كان بلاجيوس رجل دين ينتمي إلى إقليم ويلز في إنجلترا، وكان مزاجه أقرب إلى الروح الإنسانية من معظم رجال الكنيسة في عصره. وقد رفض فكرة الخطيئة الأولى، ورأى أن الإنسان يمكنه بلوغ الخلاص بجهوده الخاصة، وذلك إذا اختار أن يحيا حياة فاضلة، ولقد كان من الطبيعي أن تجد هذه النظرية، بما تتسم به من اعتدال وتحضر، أنصارا عديدين، ولا سيما بين أولئك الذين كانوا لا يزالون يحتفظون بشيء من روح الفلسفة اليونانية، أما أوغسطين فقد حارب تعاليم بيلاجيوس بحماسة بالغة، وكان من العوامل الهامة التي أدت في نهاية الأمر إلى إعلان أنها هرطقة. وقد بنى نظريته القدرية على رسائل بولس الذي ربما كان خليقا بأن يصاب بالدهشة حين يرى مثل هذه الآراء المخيفة تستنبط من تعاليمه. وفيما بعد اعتنق كالفن
Calvin
Неизвестная страница