لا يزال إلى اليوم يشتغل باجتهاد ليساعد أهله كما كان يوم كان طنوسا يعمل في الفابركة، وإذا ذكر أمامه شيء عن النكبة في سوريا يكذبها حالا، ويلعن الجرائد التي نقلت أنباء المجاعة إلى المهاجرين، مع إنها اختلاق محض؛ حتى إنه يوم اجتمع بصديق له في بلد آخر فعلم منه أنه مات من أهله عشرون شخصا، وأن الضيعة فقدت تسعين بالمائة من سكانها حاول المستر كاربنتر إقناع صديقه أن كل ما بلغه كذب واختلاق من الجرائد بشهادة أن أهله هو نفسه لا يزالون أحياء.
ولما اجتمع بصديق له آخر تناول حديثهما أخبار البلاد، فقال إنه مبسوط جدا أن أهله ظلوا أحياء، وإنه مستاء جدا من صديقه الأول؛ لأنه ذاهب إلى لبنان ليرث أهله، كأنه طلبها في السماء فوجدها على الأرض أن يموت أهله ليرثهم، وليس من يقاسمه التركة من إخوانه، وأنهى حديثه بقوله: إن الإرث لا خير فيه، وإن على المرء أن يتمتع بما تجني يداه، فخير ما يأكله الإنسان ما كان معجونا بعرق جبينه.
Неизвестная страница