وأقص القصة على أبي فيرمقني بارتياب، فأؤكدها له فيقول: تلك الأوصاف لا تكون إلا للشيخ الكبير، ولكنه لا يغادر خلوته!
فأحلف له على صدقي بكل مقدس، فيسألني: ترى ما معنى الرطانة التي حفظتها؟ - سمعتها مرارا ضمن تراتيل التكية.
فيصمت أبي مليا ثم يقول: لا تخبر بذلك أحدا.
ويبسط يديه ثم يتلو الصمدية.
وأهرع إلى الساحة فأتخلف وحدي بعد ذهاب الصبيان، أنتظر ظهور الشيخ فلا يظهر، أهتف بصوتي الرفيع: «بلبلي خون دلي خورد وكلي حاصل كرد.»
فلا يجيب، أعاني بلاء الانتظار وهو لا يرحم لهفتي.
وأتذكر الحادثة في زمن متأخر، أتساءل عن حقيقتها، هل رأيت الشيخ حقا أو ادعيت ذلك استوهابا للأهمية ثم صدقت نفسي؟ هل توهمت ما لا وجود له من أثر النوم ولكثرة ما يقال في بيتنا عن الشيخ الكبير؟ هكذا أفكر، وإلا فلماذا لم يظهر الشيخ مرة أخرى؟ ولماذا يجمع الناس على أنه لا يغادر خلوته؟ هكذا خلقت أسطورة وهكذا بددتها. غير أن الرؤية المزعومة للشيخ قد استقرت في أعماق نفسي، كذكرى مفعمة بالعذوبة. كما أنني ما زلت مولعا بالتوت.
الحكاية رقم «2»
شمس الضحى تسطع والسماء صافية، من موقفي فوق السطح أرى المآذن والقباب، وأرى غرابا واقفا على وتد مغروز في سور السطح، مربوط به حبل الغسيل، أرمق السطح الملاصق فيتحلب ريقي. تحدثني نفسي بأن أذهب إلى ست أم زكي، لأحظى بشيء من الحلوى. وأعبر السور. أمضي نحو المنور، أطل من نافذة فيه مخلوعة الزجاج، أرى تحت المنور مباشرة ست أم زكي عارية تماما، تجلس على كنبة تتشمس، تمشط شعرها، عارية تماما .. منظرها غريب وباهر! وهي في ضخامة بقرة، وأهتف: يا تيزة!
ترتعب، تنظر إلى فوق، لا تلبث أن تضحك، تصيح بي: يا عكروت .. انزل!
Неизвестная страница