Рассказ и его содержание: Повествование (принципы, секреты и упражнения)
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
Жанры
من أين يستمد القاص أو الروائي شخصياته؟ الإجابة البسيطة والبديهية لسؤال كهذا هي: من حياته وواقعه. وقد يكون هذا صحيحا إلى حد ما، لكن تبقى المسافة طويلة، مع هذا، بين ما يعيشه كل منا في حياته اليومية وما يضعه على صفحته البيضاء لتشكيل شخصياته.
من الصحيح أنه لا يوجد ذلك المتجر الكبير الذي يستطيع الكاتب التوجه إليه كلما شرع في العمل على رواية جديدة، بحيث يجد على رفوفه أنواعا وأشكالا مختلفة لشخصيات يمكنه أن يختار من بينها ما يشاء، غير أن الروائي يتعامل مع الحياة بكاملها كمادة خام يمكنه العمل عليها، كأنه يعيش حياتين؛ الأولى: حياة عادية مألوفة مثل كل شخص سواه، والثانية: حياة مخبر سري، يتحرك متخفيا ومراقبا - بعينين مفتوحتين على آخرهما - كل شيء حوله، متيقظا لكل إشارة يمكنها أن تشعل شرارة بحثه وتكون منطلقا لحكاية أو لشخصية.
الشخصيات في كل مكان حولك، تراها وتقابلها وتتعرف عليها كل يوم تقريبا، لكن تبقى هناك بضعة أسئلة عليك إجابتها لكي تستضيف تلك الشخصيات بين سطورك؛ ما هي الشخصيات الجديرة بتلقي الدعوة الخاصة لحضور حفل النص؟ ما الشخصية الأنسب لحكايتك، إذا كنت قد انتهيت بالفعل من تحديد حبكتك الأساسية؟ هل أنت بحاجة إلى شخصية مفارقة، خارقة للمألوف، تملك قدرات خاصة تفوق الآخرين، أم شخصية عادية تشبه معظم الناس حولنا، أم شخصية عادية تضعها الظروف والمصادفات في موقف غير مألوف، بحيث تضطر لاكتشاف الإمكانيات الخاصة التي تملكها ولم تستكشفها بعد؟ تلك الأسئلة عينة صغيرة لعدد كبير من تساؤلات عليك طرحها والإجابة عنها حتى تحدد نوع الشخصية التي ستكون نجما لنصك، وقبل أن تحدد موعدك الأول معها.
أنت بطلا لحكايتك
لعل أول مصدر قد يبدو للكاتب قريبا ومتاحا وسهل التناول؛ هو نفسه ذاتها. يشعر أنه يعرف كل شيء تقريبا عن ذاته، وهي الشخصية الوحيدة التي يعرفها أكثر من أي إنسان آخر؛ لذلك فلم لا؟! من ناحية، كل شخصية سوف تبتكرها ستكون مستمدة - بدرجة أو بأخرى - منك أنت نفسك. إن مجرد اختيارك لشخصيتك، وتفاصيلها وما تنطوي عليه بداخلها، سوف يعكس على الورق جزءا من نفسك شئت أم أبيت؛ ومهما بدت تلك الشخصية بعيدة في الظاهر عنك وعن طبيعة حياتك، فستأخذ مشاعرها ووقود انفعالاتها من تجاربك ومخزونك. لكن هذا شيء والاعتماد التام على تجربتك وحياتك وتفاصيلك المباشرة شيء آخر؛ إذا قررت سرد تجربة خاصة بك، فإنك تضع يدك على شيء حقيقي وصادق، لن تبدو معه كمن يدخل أرضا غريبة عليه. لقد كنت هناك بجسدك ووعيك وأحاسيسك؛ لذلك أنت تعرف ما الذي تتحدث عنه، وأرفف الأدب الجيد محتشدة بنماذج باهرة على هذا الاختيار، لكن لسوء الحظ تزاحمها في الوقت ذاته نماذج أخرى، لا نهاية لها، على إخفاق هذا الاختيار ذاته.
كثيرا ما يلتقي الكتاب والروائيون أشخاصا من غير ممارسي المهنة، يعتقدون أن في حياتهم قصة عظيمة وجديرة بأن تكتب، سواء طلبوا من هذا الكاتب أو ذاك كتابتها أم سألوه النصيحة لكتابتها بأنفسهم. ربما تكون في حياة كل منا حكاية أو أكثر جديرة بكتابتها، ومقدار المصداقية في الخبرة المباشرة يضيف إغراء لهذا الاختيار. لكن عليك ألا تنسى أن الرواية ليست غرفتك الخاصة، وأن ثمة شريكا لك هناك اسمه القارئ، ومهما بدت حكايتك في عينيك رائعة وتستحق أن تروى، فقد لا تبدو كذلك في عين قارئك. تحتاج إلى مسافة لترى بعين أخرى درجة ولو هينة من الموضوعية والحياد. حتى لو اتخذت من نفسك بطلا لحكايتك، فلترتكز على بعض الجزئيات دون الأخرى، تدخل بخيالك لتضفي شيئا من النظام والجمال على فوضى تجاربك الخاصة.
لا تستعن بتفاصيل حياتك كما هي مباشرة، قم بتمويهها حتى تبتعد الشخصية المختلقة عنك، فتستطيع رؤيتها من مسافة آمنة واللعب معها والاستماع إلى صوتها. حتى أشد كتب السيرة الذاتية أمانة ونزاهة لا يمكنها أن تنقل التجارب الواقعية بحذافيرها كما جرت تماما، كل اختيار لكل مفردة أو تعبير أو سرد لحادثة دون سواها يحول السيرة إلى سرد، والحياة إلى فن. ما دمت منتبها لهذا، فلا بأس من أن تكون أنت شخصيتك الرئيسية، ولكن بوجه مستعار، بقناع مؤقت، على الأقل حتى تفلت من فخ الاستغراق في العواطف الجياشة التي قد تشوش الرؤية وتضجر القارئ.
بورتريه غير شخصي
من أجل أن تكتسب تلك المسافة الآمنة للكتابة عن نفسك، يمكنك أن تمارس هذا التمرين، قبل المغامرة باتخاذ نفسك بطلا لحكايتك. ارسم بورتريه لنفسك، لنقل من 300 كلمة مثلا، من وجهة نظرك أنت، كما ترى نفسك أمام المرآة، صف مظهرك الخارجي ، وجهك وجسدك؛ صف إيماءاتك المعتادة وطريقتك في الحديث والتعامل؛ كن محايدا قدر استطاعتك. الآن أعد هذا التمرين نفسه، ولكن اتخذ وجهة نظر مغايرة، لشخص مقرب منك، أحد أفراد الأسرة أو صديق حميم؛ كيف يراك من الخارج ومن الداخل؟ ما الذي سيقوله عنك أمامك أو من وراء ظهرك؟ ما الذي يحبه فيك وما الذي لا يطيقه؟ ابذل جهدك لتتمثل وجهة نظر هذا الشخص. قارن نتاج التمرينين السابقين، ولاحظ المسافة والاختلافات.
الآن ارسم البورتريه نفسه ولكن من عيني شخص لا يعرفك جيدا، علاقته بك سطحية وعابرة بدرجة ما، ربما يراك بوتيرة منتظمة ولكن دون أن يتعرف بك معرفة حميمة؛ جار يسكن في الشارع نفسه ولا تتبادل معه حديثا بالمرة، أو الحلاق الخاص بك، أو البقال، أو سائق أتوبيس العمل، أو عامل المقهى الذي تتردد عليه بانتظام. من وجهة نظر هذا الشخص البعيد نسبيا ستظهر لك علامات وأشياء جديدة لم تكن لتخطر لك على بال، فسوف يميل البقال مثلا لتكوين رأيه فيك من خلال مشترياتك، وهكذا.
Неизвестная страница