أطبق شفتيه دقيقة ثم قال: طلقتها لأنه من غير الجائز أن أبقي على زوجة خائنة، أما الحب فقلعة منيعة مستقلة - بذاتها وأبراجها - عن الشك والسلوك.
وقام ليذرع الحجرة ذهابا وإيابا. ودق جرس الباب فجأة. فتح الباب فدخل شيخ بدين قصير ذو لحية سوداء. تصافحا، قاده إلى الكنبة وهو يقول: خطوة عزيزة يا شيخ مروان عبد النبي.
جلس الرجل وهو يقول: أوحشتنا يا رجل! - أهلا بك، كيف أنت، وكيف الإخوان؟ - القهوة كلها مشتاقة إليك. - علم الله أني مشتاق إليكم كذلك.
فرماه الشيخ بنظرة ارتياب وهو يقول باسما: لو أنك مشتاق حقا لزرتنا! - الحزن يطوينا على أنفسنا. - ولكنه يتبخر عادة بين الإخوان. - لم تنفتح نفسي لشيء بعد. - كيف؟ .. لم؟ - أنت أدرى! - خطر لي أنه من المفيد أن نتعاون على محاربة ذلك العدو المدعو الحزن. - أنت إمام وصديق وإنسان. - إنه عدو خطير، له كل يوم فريسة، ولا يجوز أن نلقاه متفرقين.
دعاه الشيخ إلى الجلوس إلى جانبه. ربت على منكبه وقال مستطردا: وما دام سببه معروفا فالاهتداء إلى سبيل الشفاء ميسور!
أطرق عبد الله مليا ثم قال باستحياء: كانت تجربة قاسية عاصفة، وليس الشفاء منها بالأمر الميسور! - إنك صادق في تعبيرك، ولكن لا يجوز أن تنسى أمرين هامين.
وسكت ليخلق جوا مناسبا لسماع نصائحه، ثم قال: لا تنس، الإيمان بالله هو الملاذ الأخير من جميع الأحزان.
وعاد إلى السكوت مرة أخرى، ثم قال: ولا تنس أن تتثبت من حقيقة التجربة التي عصفت بك! - لقد رأيت بعيني رأسي. - واقعة الفران؟ - أجل، وقبل ذلك نظرة الشاب المستهتر إلي! - دعني أصارحك بأنني لم أشاركك الاقتناع فيما اقتنعت به! - لقد بهتت فلم تستطع الدفاع عن نفسها! - ولا تلك بحجة تشرع ضدها؛ فللمرأة كبرياؤها! - إني مطمئن إلى الإجراء الذي اتخذته. - ولكنك قضيت على نفسك بالسجن كأنما طلقت الدنيا في نفس الوقت. - سوف يدركني النسيان عاجلا أو آجلا.
فابتسم الإمام وقال بهدوء وثقة: إني رجل من رجال الله، خادم بيت من بيوته، أعرف حارتنا وأحوالها ما ظهر منها وما خفي، أتوكل على الله في كل فكر أو عمل، ولا غرض لي في الدنيا إلا الخير، وأبعد شيء عن خاطري أن أسعى إلى رد زوجة خائنة إلى عصمة رجل فاضل مثلك.
غض عبد الله بصره ليداري نظرة رجاء لاحت في عينيه وتمتم: لا شك عندي في ذلك كله يا شيخ مروان. - يا صديقي عبد الله، لقد قرأت في وجهك رسالة، لا أجزم بصحة ما قرأت فصارحني؛ أيتعذر عليك نسيانها؟ - الخيانة؟ - الزوجة!
Неизвестная страница