قوة نفسه
وكتب إلى أخيه يوسف في سنة 1795:
أشعر في نفسي على الدوام بأنني كالجندي قبيل موقعة كبرى، وأرى أنه ما دام الموت غاية كل حي، فمن العبث والجنون أن يشغل الإنسان نفسه به أو يخشى مجيئه، إنني أستطيع أن أقابل طوارئ الحدثان بشجاعة وثبات جأش، ولو لم تغيرني الأيام فسوف أقف في طريق الموت ولا أفر منه إذا مد لي يدا.
لانفري، ص48، جزء 1
أخلاق قواد الجيوش وقادة الأمم
أرغمني شبابي في إبان الحروب الإيطالية على الحذر في كل حركاتي وسكناتي، واستدعاني إلى التجمل بسائر الأخلاق الفاضلة، وكان هذا من الضرورة بمكان لأتمكن من بسط نفوذي على قوادي وجنودي، سيما وأن أغلبهم كانوا أكبر مني سنا وأقدم عهدا بفنون الحرب، فكنت على الدوام متشددا في أخلاقي لأكون نموذجا لأتباعي ليسيروا على دربي وينسجوا على منوالي، وكانت أخلاقي لذلك العهد تقرب من أخلاق كاتون، فكان من حولي يحسبونني حكيما زاهدا، وفيلسوفا متعبدا. وغني عن البيان أنه لو لم أتمكن من الظهور بمظهر الترفع عن الجميع ما استطعت أن أكون مسموع الكلمة أو نافذ الأمر في الجيش، ولو أنني في ذلك الحين استسلمت للضعف الكامن في نفوس البشر فقدت كل قوتي وبطشي.
آبوت، ص350
نابوليون يخدع نفسه والناس
وكتب إلى أخيه يوسف في سنة 1799:
إن همومي التي تشغلني في وحدتي كثيرة؛ لأنه قد برح الخفاء وافتضح الأمر، وليس لي في الدنيا سواك، والعالم بأسره هين عندي في جنب رضاك، ولو أنني فقدت صداقتك وإخلاصك وخانتني جوزفين في حبي، فقل على حياتي السلام، ولا غرابة إذا صرت بعد ذلك من أعداء الإنسانية الألداء، يا حبذا لو كان لي منزل في شمال فرنسا، أو في ضواحي باريس؛ لأنني في حاجة شديدة إلى الوحدة والخلوة، إن حب العظم يتعبني، بدأت أحس بأن المجد أمر تافه لا قيمة له. إنني في التاسعة والعشرين من عمري ولم يبق في ميدان المجد غرض إلا أصبته، فلم يبق لي إلا أن أعجب بنفسي وأتيه على العالم بأسره.
Неизвестная страница