Хидаят Рагхибин
هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
Жанры
والحال هذه حال القوم في كفرهم بربهم وإنكارهم رسوله، واختيارهم عبادة أوثانهم، وعلي بن أبي طالب يعظم ما صغروا ، ويكرم ما أهانوا، حتى دخل من دخل في دين الله رغبة أو رهبة ، فلما طال على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تكذيب قومه إياه، استشار عليا عليه السلام فقال: ((ما ترى؟)) قال: يا رسول الله ها سيفي، وكان بالضرب به دونه جوادا، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إني لم أؤمر بالسيف، فنم على فراشي وق بنفسك نفسي حتى أخرج فإني قد أمرت بذلك)) ، فنام على فراشه ووقاه بنفسه، باذلا لمهجته، واثقا بأن الله غير خاذله، ومن يدعي له الفضل عليه إما راصدا لرسول الله، أو معين عليه، أو جالس عنه، همهم في ذبائح الغنم على الأصنام، والاستقسام بالأزلام، وأقلام الملائكة تصعد بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما استقرت به الدار، وحل في الأنصار؛ أمر الله جل ثناؤه أن يشهر سيف التوحيد، وضمن له التأييد، فجاءت حال المنابذة، وتدانت الزحوف أيده الله جل ثناؤه بعلي بن أبي طالب، فقام إليهم وله خطران بسيفه ذي الفقار، فسألوه عن النسبة، فانتهى إلى محل اليفاع الذي ليس لأحد عنهم مرغب، وأوجل الله قلوبهم من مخافته حتى اجتنبوا ناحيته، فما زالت تلك المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سئمه رجال من قريش ، وحتى تشاغلت نساؤهم بالمآتم، فكم من باكية داعية أو موتور قد احتسى غلته بفقدانه أباه أو أخاه أو عمه أو خاله أو حميمه، يخوض مهاوي الغمرات بين أسنة الرماح ، لا يثنيه عن نصرة رسول الله نبوة حداثة ، ولا ضن بمهجته، حتى استولى على الفضل والجهاد في سبيل الله، وكان أحب الأعمال إلى الله، وزرع إبليس عدوه بغضه في قلوبهم، فلاحظوه بالنظر الشزر، وكسروا دونه حواجبهم، ورشوا بالقول فيه والطعن عليه، فلم يزده الله بقولهم فيه إلا ارتفاعا، كلما نالوا منه نزل القرآن بجميل الثناء عليه في آي كثير من كتاب الله، قد غمهم مكانه في المصاحف، ومن قبل ما أثبته جل ثناؤه في وحي الزبور أنه وصي الأوصياء، وأول من فتح بعلمه أبواب السماء.
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أولاهم بمقامه، ليس لأحد مثله في نصرته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأخ ليس لهم مثله له جناحان يطير بهما في الجنة، وعم له سيد الشهداء في جميع الأمم، وابنان هما سيدا شباب أهل الجنة، وله سيدة نساء العالمين.
ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أخذ أهله في جهازه إلى ربه، واختلفوا فيمن يلي الأمر من بعده، فقالت الأنصار: نحن الذين آوينا ونصرنا.
فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر وهو بباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر جهازه والصلاة عليه، فقال له: إنك لغافل عما أسست الأنصار وأجمعوا عليه من الصفقة على يد سعد بن عبادة.
Страница 218