وأيضا يا عزيزي سيكي، أصحيح أنك لا تأكل زادك ولو جائعا إلا إذا أمرك ولي أمرك؟ فما قولتك غدا حين ترى البعض عندنا يأكلون غير الخبز، يأكلون الصناديق الحديدية فوق الشبع.
ثم يا عزيزي، هل تظن أننا لا ننتزع المجرمين من أشداقك، ما دمنا نكذب السجلات وقيودها!!
وهل يعقل أننا لا نكذب كلبا مثلك؟ فإذا سمعت مني يا سيكي فلا تتعب نفسك كثيرا. فأنت تمسكهم والوسائط تفلتهم. أظنك تشم ولا تسمع، وإلا لكان بلغك ما يقال تحت قبة البرلمان. فحديث (الواسطة) وغيره ليس من عندي، بل من عند نواب الأمة، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.
إن بوليصنا وشرطتنا وأمننا العام قلما أفلت منهم جان، ولكن المهم أن نقبض على من يفلتونهم، أن نمسك بالذين يتداخلون لمصلحتهم، فلو وفرنا للمسؤولين عن الأمن عندنا ما سيوفر لك من الوسائل الصحية، واعتني بهم، كما سيعتنى بك، لعملوا العجائب. فإذا كانوا - وهم على ما هم - لا يخفى عليهم شيء. إذا كانوا هم يعدون كل شيء بأنفسهم ويفعلون ما يفعلون، فكيف يكونون لو تهيأ لهم ما سيهيأ لك أنت. أما قلنا أن سيكون لك نظام أكل صحي دائم، تماما كالذي روعي لي في المستشفى غصبا عني، أما الآن فصرت لا أقدر على ذلك لأن نفسي رخوة أولا، وثانيا لأني لا أستطيع.
كنا فيما مضى نفتخر بالحمام الزاجل الذي كان ينقل رسائلنا بأمانة في الملمات وساعة الضيق، أما الآن فأنت موضوع إعجابنا يا سيكي.
وبعد، فأهلا وسهلا يا سيكي، أرأيت كيف احتفينا بك وكيف خففنا إلى استقبالك؟ فقد احتللت الصفحة الأولى من صحفنا كأنك ضيف كبير أو عبقري عظيم. لا يدهشك هذا الاستقبال الرائع، فتلك عادتنا ولو مع الكلب إذا كان يستحق الإكرام. وعندنا مثل يقول: من وقر الكلب وقر صاحبه، وكلب المير مير. إذن كان للكلب عندنا وقار قبل تشريفك. وإذا كنت كلبا ذئبيا فقبلك دعا الفرزدق المرحوم جدك بقوله:
وأطلس عسال وما كان صاحبا
دعوت بناري موهنا فأتاني
فلما دنا قلت: ادن دونك، إنني
وإياك في زادي لمشتركان
Неизвестная страница