تختفي العيادة. وأرى جسده ممددا على المحفة، وقد أغلقت عيناه الذكيتان للأبد.
في تلك اللحظة تلاشت مبادئه وأفكاره وأحلامه، وعقده النفسية. انتصروا واستسلم، توالت عليه صفعات الحياة، حتى لم يعد يستطيع الوقوف أكثر.
وأقول لطبيب المشرحة إنه بلا أهل ولا أقارب، لا أحد له في هذه البلاد الظالم أهلها. - «إن الأهم من معرفة المشكلة هو كيفية التعامل معها، فالأصعب هو القادم، ستمر بالكثير من التقلبات ولا بد من إشراف مختص، لن تتوقف نوبات الذعر التي تصيبك لمجرد أنك عرفت مسبباتها، أنصحك بأن تواظب على الجلسات.»
قلت لك أن تعود لزيارتي، كنت أعرف أن القادم هو الأسوأ، وأن مشاعرك المضطربة ستضللك، وستتآكل معها روحك ذاتها.
لكنك فضلت أن تلعق جراحك منزويا. جعلك غرورك واعتدادك بنفسك تظن أنك أقوى منها، حتى قادتك للانتحار هربا من نفسك.
أن يكون ما يشقيك هو نفسك التي بين جنبيك، تلك أعظم الفواجع.
ينظر لي باسما إذ وقف على الباب، وتلمع عيناه الذكيتان، وهو يقول بصوت هادئ:
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما.
هل ترى؟
Неизвестная страница