رفع كفيه الصغيرتين لأعلى وقال همسا: «يا رب لا تسلط على أبي الثعابين، أعدك أنني سأدعو له كل يوم؛ حتى لا تغضب منه.»
ثم مسح على وجهه.
قام بتركيب أحجار البطارية الجافة في مؤخرة جهاز الكاسيت، ووضع شريطا داخله، وضغط على زر التشغيل، راح الصوت الشجي ينساب عبر سماعات جهاز التسجيل:
كل أجزائه لنا وطن، إذ نباهي به ونفتتن
نتغنى بحسنه أبدا، دونه لا يروقنا حسن
حيث كنا حدت بنا ذكر، ملؤها الشوق كلنا شجن
نتملى جماله لنرى، هل لترفيه عيشه ثمن
قالت له أمه إن اسمه «حسن العطبراوي »، تقول إنه مطرب مشهور يعرفونه في نواحي الخرطوم، لطالما أحب تلك الأغنية، وعشق ذلك الصوت القوي المبحوح قليلا، كان يجرفه بخياله للخرطوم.
البيوت الطينية وبيوت الطوب الأحمر المتناثرة على ضفاف النيل، السوق العربي المزدحم دائما بطلاب الجامعات والباعة وحافلات المواصلات، السيارات الفارهة في الشوارع المزدحمة التي يراها أحيانا في التلفزيون، مراكب صيد السمك في النيل، والبنايات الشاهقة في أحياء الخرطوم الراقية، الفتيات المضرجات بأطنان من مساحيق التجميل على وجوههن، جميلات لكنهن لا يشبهن فطومة.
المآذن الفخمة التي لا تشبه مساجد القرية في شيء.
Неизвестная страница