لو جمعت كل مشاعر احتقار الذات، فلا أعتقد أنها ستكفي لوصف شعوري تجاه نفسي في تلك اللحظة.
كان شعورا لا يوصف، وشعرت بقلبي يتمزق.
الآن أفهم معنى أن تكره نفسك وتحتقرها، ففي تلك اللحظة كرهت نفسي.
كنت أبكي في حرقة، وأنا أحتضن رأسه.
منهكا كأسوأ ما يكون، فتح عينيه المتورمتين، في الحقيقة كانت عينا واحدة، فالأخرى كانت متورمة، لدرجة لم يستطع فتحها، ورفع يده يتحسس وجهي، قال بصوت واهن: «إبراهيم، أنت بخير؟»
زاوية فمي تتشنج بانقباضات قوية، والدموع تغمر وجهي، حتى وأنت في هذا الحال تحاول الاطمئنان علي؟!
لا أدري كم استغرقني الوقت، حتى أفقت من نوبة البكاء تلك، لكنني كنت أشعر بالدوار، والجفاف في حلقي.
كان الحارس قد وضع إناء الماء على الأرض، وغادر الزنزانة دون أن أنتبه إليه، جلبت الماء وشربت، ثم رحت أسقيه، فراح يشرب في نهم.
مرت ساعات من الصمت إلا من صوت صفير أنفه، ثم انفتح الباب مجددا، ودخل الحارس الذي جلب الماء، وهو يحمل بعض السندويتشات، وضعها أمامنا، وقال لي: «مواعيد الذهاب لدورة المياه الرابعة عصرا.»
وفتح الباب. توقف قليلا، وهو ينظر إلى «عمار» المستلقي على حجري، ثم غادر.
Неизвестная страница